responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الكلم الطيب نویسنده : كاشف الغطاء، علي    جلد : 1  صفحه : 22

كلمة في ميلاد الإمام الحسين (ع)

أيها الملأ الصالح:

إننا في هذه الساعة من هذا اليوم نعيش في أعظم ذكرى نعتز بها ونسعد بروحانيتها في كل عام مرة ذكرى ميلاد سيد الشهداء (ع) وعيد إشراقه على وجه هذه الأرض بشرى للناس ورحمة.

إلَّا وإنَّ أقصى ما يبلغه الإنسان في هذا المقام أن يشير إلى المحل الأسمى لشخصية الإمام الحسين (ع) والمحك الأسنى لذاته المقدسة فقد جاء مولده (ع) بشيراً بميلاد الصمود في وجه الطغيان في الأيام السود، وباستهلال الخير الذي طال أنتظاره وباسترداد القيم العليا بعد الهوان إلى مكانتها المثلى، فقد نهض (ع) عندما أنتهز الأقوياء فرص الجهالة والضلال، فاستعبدوا الشعوب واستبدوا بالقلوب والعقول، وأستحلوا لشهواتهم ومنافعهم خيرات الأرض والسماء حتى ضجت الأرض مما تنوء به من شر وبغي وضلال وطغيان، فقاومهم بما يملك من نفس ونفيس معلنا القول:

ان كان دين محمد

لم يستقم إلا بقتلي يا سيوف خذيني‌

دفاعاً عن الحق وحماية للوطن يريد الناس بذلك صحة العقيدة ويردهم لصواب الدين، ويسموا بهم إلى الشريعة الحنيفة السمحة التي دعا لها جده الرسول الأعظم (ص) فكان ذلك غربلة وتمحيصا للمؤمنين، وتنقية لصفوف المسلمين استعدادا لما قدره الله تعالى بعدها من بدء مرحلة جديدة تبتدأ بالجهاد ممن كان للناس إماما وللحق منارا، وتنتهي بالنصر الكامل لبناء جيل جديد يتصف بواقع الحياة يخوض معركة قاسية مريرة ضد طغمة عاصية لئيمة أقتحمت كل الأسوار للعبودية العمياء، وحطمت القيود التي غل بها الأحرار مبددا بذلك سحب الظلم والظلام الذي خيم على رجال الأمة الكرام، ولا يفوتنا القول بأن هذا الحفل الكريم الذي يحتضن كرام الأمة يكون دعوة لإصلاح المجتمع الإنساني ومحاربة للأوضاع الفاسدة ليصبح مجتمعا مثاليا قد وطدت فيه روابط الإخاء والنضال والصمود لنيل الظفر بالأمل المنشود. وستبقى ثورة الحسين (ع) نبراسا لكل المناضلين وشجرة للمخلصين ما بقي الدهر وما تطور الزمن والسلام.

كلمة في ميلاد الأمام الحسين (ع)

السلام عليكم تحية زاكية مباركة تشع بالأنوار القدسية والألطاف الإلهية وإذا حييناكم فإنما نحيكم بكل ما في صدورنا من تقدير واحترام. وبكل ما في قلوبنا من مشاعر واحساس بهذا الاحتفال بميلاد سيد الكونين سيد الشهداء عليه أفضل التحيات والسلام.

يمر اليوم بالأقطار الإسلامية ظرف عصيب ووقت رهيب يقطع فيه أصعب المراحل الخطيرة الحرجة في تأريخنا الحديث وحياتنا الجديدة، فالصراع قائم بين الأمم الكبيرة، والحق تطغى عليه القوة وعلى الأماني المنايا، وعلى الكنايات النكبات وشبح الموت والدمار يرفرف على العالم كله، وأبطال الحرب ومديرو دفتيها يوالون الاجتماعات إثر الاجتماعات ويعقدون المؤتمرات إثر المؤتمرات لإضرام البشرية بنار لا يسهل إخمادها، وإثارة فتنة صماء يصعب الخروج منها تذهل فيها كل مرضعة عما أرضعت وتضع كل ذات حمل حملها وترى الناس فيها سكارى وما هم بسكارى ولكن عذاب الله شديد، وعجلة الزمن تجد السير وتسرع الخطا دون أن تفسح لنا في الأجل، وتوسع علينا في الأمد، فحري بنا أن نتماسك تماسكا لا تمسه لفحة الانحلال، ونتضافر تضافراً لا تحله مشكلات الأهوال لنخرج من وسط هذه المعمعة العالمية وقد ربحنا الصفقة ونلنا الأمل وبلغنا الغاية بطمأنينة وسلام، ونبت لنا من كل زوج بهيج ألا وإن عراق اليوم بفضل لولب جهازه وزيت سراجه كان في ذلك كله ابن جلاها إذا جد الحد وطلاع ثناياها إذا بلغت الأحداث الحد

قوم إذا الشر أبدى ناجذيه لهم‌

طاروا إليه زرافات ووحدانا

وقد لمست في بها ليلهم وغطا رفتهم قول الشاعر:

أما إذا اشتد الزحام‌

وناب خطب وأدلهم‌

ألفيت حول بيوتنا

عدد الشجاعة والكرم‌

للقى العدى بيض السيوف‌

وللندى حمر النعم‌

هذا وهذا دأبنا

يودى دم ويراق دم‌

أيها المخلصون أيها السائحون أيها العابدون أيها المؤمنون أيها المصلحون إن شق عصا الأمة وآلفت في عرى وحدتها الذي لاكته بعض الألسن، وسالت به الأقلام المستأجرة، وطلع به قرن الشيطان نافجاً حضينه بين نيله ومعتلفه قد انفجر به بركان هائل يقذف علينا بحمم كأنها جمالة صقر يتطاير شررها من هنا وهناك، وأنساب ثعبانه ينهش بأنيابه بهمم الرجال وفرسان العرب، وأحدث حربا شعواء أساغة اللقمة للأسد المفترس وأجرضها في أشداق الإسلام والعروبة.

وإنا إذ نحتفل بميلاد هذا القبس الإلهي والنور السماوي الذي لا يزال يشع نوره على شاطئ الأبدية والخلود فليس معناه شرح الماضي فإن الماضي مشرق بنوره الو ضاء وصحيفته البيضاء ولا لبيان صلاتنا الروحية به فإن الصلة توضحها الأيام وحوادث الأزمان، فأي فؤاد لا يهواه، وأي قلب لا يحب شخص علياه، ولا لإظهار البهجة والفرح بمولده الكريم فإن البهجة والسرور لا تتناسب مع ما منيت به الأقطار الإسلامية العربية من تفكك العرى وتقطع الأوصال، وفي كل ناحية مأتم تشق به الغيد أزرارها هذه فلسطين تستصرخكم وهذه لبنان تستنجد كم وهذه إرتريا تستنهضكم إلى غير ذلك مما لا يتسع الوقت لذكره ولا يستحضر الفكر لإسمه. وإنما نحتفل بذكراه صلوات الله وسلامه عليه لنستلهم من ذكراه العظات والعبر، ولنشق بها الطريق نحو النور الساطع والحق المبين، ولنخرج به الإنسان من الظلمات إلى النور لتستفيد به الأمة ويستنجد به عند الملمة تذكو فيه روح الإصلاح والصلاح منعقد بالسعادة والفلاح.

كلمة في ميلاد الإمام الحسين (ع)

بسم الله الرحمن الرحيم‌

ولا حول ولا قوة إلا بالله العلي العظيم‌

أيها الجمع الكريم:

حياكم الله بلطفه ورعاكم بعنايته إنه ولي ذلك. إنّ النفس لتمتلى‌ء بهجة ومسرة، عندما يشع عليها إشراق محيا الكون بولادة سيد شباب أهل الجنة ويمتلئْ القلب طربا وفرحا إذا ما ملا على مسرح الفكر وليد حجر النبوة يلتقم ثدي الطاهرة الزكية أمه فاطمة الزهراء (عليها سلام).

وتندك رواسي الهموم والغموم عندما تنطبع على مرآة الخيال صورته (ع) يحمله جده رسول الله (ص) يكبر في إحدى أذنيه ويقيم في الأخرى.

وكيف لا وهو صلوات الله وسلامه عليه المنهل العذب إذا اشتدَّ الضمأ، والدوحة الميمونة المباركة التي يستظل بها إذا قوي لفح الهجير.

وباعث الحياة الإسلامية كلما عصفت بالإسلام عواصف الضلال والإلحاد، أو دهمته جيوش الطغاة والعتاة وهو الشخصية الخصبة التي لا تزيدها طوال الأزمان والدهور إلا جلاء وروعة شأن الجواهر الثمينة التي كلما تقادم العهد بها برزت وضاءة لماعة.

نعم هو والله الشخصية الفذة التي غيرت مجرى الحياة، وحولت سير التاريخ، والنشيد الحلو الذي يغرد به من فوق منبر الدهر ما دامت الإنسانية في عالم الحياة. وإنا إذ نحتفل بذكراه بهذه الحلة الجميلة التي تفتتن بها المناظر فليس معناه هو شرح الماضي، فإن الماضي قد عرفه الكل والجميع بواقعه المضي‌ء اللماع ولا لبيان صلتنا الروحية بصاحب الذكرى (ع) فإن الصلة قد أوضحتها وقائع الأيام وحوادث الزمان، ولا لبيان البهجة والسرور بميلاده الكريم، فإن البهجة والسرور لا تتناسب مع ما نحن فيه من تفكك العرى وتمزق الأوصال وإراقة دماء المسلمين.

ففي كل ناحية مأتم‌

تشق بها الغيد أزرارها

وما زاد في الطنبور نغمة أن مقاييس الحياة الدينية أصبحت منوطة بالمادة الفتانة حيث يقاس كل شي‌ء بفائدته المادية المباشرة لا بمكانته المعنوية السامية، حقا أن أعيادنا جديرة بأن تكون لنا مأتم وأفراحنا أحزان ومصائب، فلسنا نحتفل بذكراه (ع) لهذا ولا لذاك وإنما نحتفل بذكراه لنستلهم منها العظات والعبر، ونشق منها الطريق المستقيم نحو النور الساطع والحق المبين فإنهما البناء لصرح الحضارة الحرة الجديرة بالخلود، ولنيل الغايات المنشودة وتفهما بأن العقيدة الدينية يسعد بها المنال والمآل وتصديقا لقوله تعالى [فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلَا يَخَافُ بَخْسًا وَلَا رَهَقًا] والسلام عليكم ورحمة الله وبركاته.

كلمة أخرى في ميلاد الإمام الحسين (ع)

أيها الملأ الصالح المتجه نحو الله تكلؤكم العناية الربانية وترعاكم الألطاف الإلهية ويحدوكم اليمن والسعادة.

شاء الله أن يتحف العالم الإسلامي في هذا اليوم المبارك بولادة شبل حيدر وأن يعز العالم الإنساني بأكرم مولود لأكرم والد في أكرم مغرس وأحسن معرس، وتربى في أحضان النبوة والإمامة، ورضع من ثدي الإيمان ونشأ في حجر الإسلام والرسالة.

طلعة سعيدة للقضاء على الشقاء، وتحفة ملكوتية أشرقت بنورها الظلماء، وشرف باذخ تعالى قدره وتجاوز المدى الأقصى فخره. ياله من مولود أحيا الشريعة النبوية بعدما كادت تطمس آثارها، وأقام القواعد الإسلامية بعدما أوشكت تنكدر معالمها، وأخرجها من مخالب أهل الضلال بعد أن عصفت في أجوائها مختلفات الأهواء وزعزعت أركانها عواصف العواطف في سائر الأرجاء. فحري بالنجف الأشرف وهي العاصمة الدينية الكبرى أن تقيم الاحتفالات العامة بميلاده سلام الله عليه.

أيها المؤمنون إن العقيدة الدينية قد قويت في النفوس بنهضته الجبارة، وفي تركيزها فوائد لا تحصى والمجموع الإنساني بأطواره خسارة، أما خسارة الفرد فلشعوره بأن حياته وما يحيطها أمر محدود يفنى بفناء الزمن وهذا ما يجعله أن ينظر لحاضره بعين الأسى والأسف ولمستقبله بعين الهلع والجزع حيث لا أمل يترجى بعد الموت ولا حلم له يتحقق بعد الحياة وأما خسارة البيت حيث تصبح لا ثقة متبادلة بينهم فيخامره الشك في زوجه ونسله وعامله، ويسايره الخوف على نفسه وماله فإن التربية مهما بلغت لا تستطيع أن تمنع النفس عن شهواتها وميولها إن وجدت لتنفيذها السبيل. وقد نقل لي أحد علماء النصارى في مؤتمر بحمدون أن العلاقة الودية بين الأباء والأولاد تكاد تنعدم في البيوت التي تفقد الوعي الديني لشك الأباء بأبنائهم والأبناء بآبائهم، وإنه شاهد أحد الرجال لم يرَ ابنه اثني عشر سنة مع قرب في الجوار وعدم بعد الدار.

وأما خسارة المجموع فهو أمر لا يحتاج إلى بيان حيث تتحكم فيه الميول والأهواء فتستباح عصمة أدبية إذا اقتضتها الشهوة، وتفعل كل جريمة أخلاقية إذا تعلقت بها الرغبة، وما النزاع في عصرنا الحاضر القائم بين الأمم الكبيرة الذي يكاد أن يضرم البشرية بنار يلتهب فيها اليابس والأخضر إلّا نتيجة لفقدان الوعي الديني وعدم الشعور بالمسؤولية فيما بعد الموت، ولعل أحسن برهان على نفع العقيدة الدينية للإنسان هو أنك لو فتحت دفاتر الإجرام في المحاكم المدنية في سائر الدول الكبرى والصغرى لما وجدت من المتدينين واحدا من الألف، وهذا أول دليل على أن التربية الدينية من خير ما تعرض على الأقوام البشرية ففقدان الوعي الديني يشكل خطرا على البشرية، وهذا ما دعا سيد الشهداء أن يرخص النفس والنفيس في سبيل تحقق العقيدة الدينية الصحيحة لما في ذلك من السعادة والهناء. هذا وأني لأرى من الواجب أن أتقدم في كلمتي هذه بالشكر الجزيل والثناء الجميل لخطباء المنبر حفظهم الله تعالى حيث أن لهم اليد الطولى في نشرهم المعارف الإلهية والأحكام الدينية وتركيز القيم الأخلاقية، وكم كان بودي أن أعد من جمعهم وأحشر في زمرتهم يوم لا ينفع مال ولا بنون إلا من أتى الله بقلب سليم فجدير بنا أن نستلهم من ذكراه المآثر الحسنة من التضحية في سبيلا المبدأ المقدس والفناء في سبيل الحق التي يسعد بها المنال والمئال ونستوحي من بطولته دروسا وعبرا نقتبس بها الهداية لما فيه الإصلاح والصلاح.

نام کتاب : الكلم الطيب نویسنده : كاشف الغطاء، علي    جلد : 1  صفحه : 22
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست