responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : العبقات العنبرية نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 40

الباب الأوّل في ذكر أحوال الشيخ جعفر وإخوانه وأبيه ومن يمت إليه ذكر أحوال الشيخ خضر ابن الشيخ يحيى‌

أمّا أبوه فهو الشيخ خضر ابن الشيخ يحيى كان فقيهاً متبتلا، وزاهداً لا منحرفا إلى الدنيا، ولا في شهواتها متنقلا، هجرها هجر الجافي الملول، وسلك فيها طريقة آل الرسول من الذل فيها لله والخمول، لعلمه بارتحالها عنها وتقويضه، وإبدالها منها وتعويضه، فنظرها بقلبه لا بعينه، وانتظر يوم فراقه وبينه، فلم يكن له بعد ذلك في نزهتها اشتغال، ولا في شعاب مسالك الترؤس إيغال، على أنَّ أباه كان في بلدهم بدر فلكها، وواسطة القلادة في سلكها، وصدر المجلس من ملكها، تحِل في حرم بيته نجائب الرجاء حملها، وتضع في رحب فنائه مطلقات الآمال حملها، فقذف الله نور المعرفة بقلبه، حتى تغرّب عن قشيب ربعه وشعبه، وعاف العز والشرف، وألقى عصا التسيار في بعض زوايا النجف، واشتغل في تحصيل العلوم اشتغال من أنهكته علة التقى، وأهلكته الرغبة في الفنا والزهادة في البقا، فلم يكن له جهد بسوى الزهد، ولا عادة إلّا العبادة، ولا وظيفة غير الخفية، فلذلك لم يَتَضلَّعْ في العلوم تضلّعاً معلوم، والأصح أنّ السبب فيه عدم استقامته في النجف مدة شاسعة، حتى انتقل أبوه إلى رحمة الله الواسعة، فأكثر الالتماس منه بعض أعيان أقاربه وذويه أن ينتقل إليهم فيجلس مجلس أبيه، فلم يكن له بد من الإجابة، لمسيس الرحم والقرابة، فكان يقضي أيامه وأعوامه نصفها يتشرف بها في النجف ونصفها يتشرف بها محله ومقامه، حتى أربى عمره على ستين سنة، فتجرد لله كليّة وخلّى وطنه، فأغراه الشوق وحرّكه إلى الغري تقاه، فسكن إليه وألقى به عصاه، وعاد إلى ما كان عليه من التقدس حين قالت له النفس بالتفرّس‌[1].

أَكْملْتُ في ذَا العامِ سِتينَ سَنَهْ‌

مَرّتْ ومَا كأنَّها إلّا سَنَهْ‌


[1] التفرّس: التثبت والنظر.

نام کتاب : العبقات العنبرية نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 40
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست