responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : الخطب الأربع نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 73

الحلة الفيحاء

أنتم معشر الحليين الكرام! لم تزل بلدتكم الكريمة هذه سامية الآثار عالية المنار من بدء تأسيسها في آخر القرن الخامس حتى الآن، ولا جرم ولا غرو، فقد أنشأها أرباب السيف والقلم وأعلام العلم والعمل وفرسان المحابر والمنابر، العرب الأقحاح (بنو دبيس) من (بني أسد)، أنشأها سيف الدولة صدقة بن منصور بن دبيس بن مزيد. وكانت- كما يقول الحموي- (أجمة تأوي إليها السباع)، فنزلها بأهله وعساكره، وقصدها التجار، فصارت من أفخر مدن العراق وأحسنها. ولكنها ما لبثت، بعد أن كانت أجمة قصب، أن عادت أجمة فضل وأدب، وبعد أن كانت تأوي إليها السباع تتهافت إليها المصاقع من الأصقاع تهافت الجياع على القصاع.

لله هي من تربة! فكم انتجت وانجبت من الرجال، ومازالت تؤتى أكلها حيناً بعد حين بما تخرج من فطاحل العلماء وأماثل الأدباء، وقد أستمر سيرها الأدبي والعلمي عدة قرون. ولو أردنا تعداد أو احصاء من تخرج من هذه الفيحاء من الأعاظم لأحتجنا إلى عدة دفاتر وطوامير ومحابر، ولا ننفك نجد منهم الرجال الذين يلمعون في أفق التأريخ لمعان الكواكب في آفاق السماء، وكأن تربتها قد عجنت بعبير الذكاء والعبقرية، وأمتازت بالفطانة واللوذعية. ولم يزل يتعاهدها بالتربية والتثقيف أساتذة أساطين، نشأوا منها ونزحوا عنها ثم عادوا إليها، منهم جدي الأعلى (كاشف الغطاء)، وخلفه جدي القريب الإمام (موسى بن جعفر) فإنه كان يصطاف بها كل عام، وكانت لبعض وجهائها حديقة غناء يدعوه إليها كل سنة، فقال الشيخ صالح التميمي- أحد نوابغ شعراء الحلة في ذلك العصر-:

عذرت ولم أعذر على البغي جنة

طغت فبدا بين الجنان غرورها

تهز غصونا كالعذارى إذا انثنت‌

فماس بأوراق الحلى نضيرها

تزور ملوك الأرض (موسى) وهذه‌

كفاها فخاراً إن (موسى) يزورها

ولو لم تكن طور الحدائق لم تكن‌

له عادة في كل عام يطورها

وكان حاكم الحلة يومئذٍ (سليمان باشا) أحد قرابات الوالي الأقطاعي في بغداد (داود باشا)، وكان الحاكم المزبور ظالماً غشوماً .. فإذا حلَّ الشيخ في الحلة كفَّ الحاكم‌

نام کتاب : الخطب الأربع نویسنده : كاشف الغطاء، الشيخ محمد حسين    جلد : 1  صفحه : 73
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست