روى الفاضل المجلسي عليه الرحمة قال: روى الشيخ المفيد والسيد ابن
طاوس وغيرهما .. أنه لما مات معاوية في النصف من رجب سنة ستين من الهجرة، تولى
الأمر بعده ابنه يزيد لعنه الله، فكتب إلى الوليد بن عتبة بن أبى سفيان، وكان على
المدينة والياً، أن يأخذ له البيعة من أهلها، وخاصة على الحسين (ع)، ولم يرخص له
في التأمين، وقال: وإن أبى عليك فاضرب عنقه، وأبعث إليّ برأسه، فاحضر الوليد مروان
واستشاره فقال: إنه لا يقبل، ولو كنت مكانك لضربت عنقه، فقال الوليد: ليتني لم أكن
شيئا مذكوراً، وأنفذ الوليد إلى الحسين (ع) في جوف الليل فاستدعاه فعرف (ع) الذي
أراد فدعا جماعة من مواليه، وأمرهم بحمل السلاح، وقال (ع) لهم: (إن الوليد قد
استدعاني في هذا الوقت، ولست آمن أن يكلفني فيه أمراً لا أُجيبه إليه، وهو غير
مأمون فكونوا معي، فإذا دخلت فاجلسوا على الباب، فإن سمعتم صوتي قد علا فادخلوا
عليه لتمنعوه عني)، فسار الحسين (ع) إلى الوليد، فوجد عنده مروان بن الحكم، فنعى
إليه الوليد معاوية فاسترجع الحسين (ع) ثم قرأ عليه كتاب يزيد وما أمر فيه من
البيعة فقال الحسين (ع): (إني لاأراك تقنع ببيعتي ليزيد سرا، حتى أبايعه جهرا،
فيعرف الناس ذلك). فقال الوليد: أجل فقال الحسين (ع): (فتصبح وترى رأينا في ذلك)،
فقال له الوليد: انصرف على اسم الله حتى تأتينا مع جماعة الناس فقال له مروان: لئن
فارقك الحسين الساعة ولم يبايع لاقدرت منه على مثلها أبدا حتى تكثر القتلى بينكم
وبينه، احبس الرجل، ولا يخرج من عندك حتى يبايع، أو تضرب عنقه، فوثب الحسين (ع)
عند ذلك وقال: (أنت يابن الزرقاء تقتلني أم هو كذبت والله وأثمت).