الأخذ بالثاني وإنما المتيقن من الدليل هو
التخيير في العمل بأحدهما فالالتزام والأخذ لا أثر له مضافاً إلى ان مقتضى الأدلة
التي أقيمت على التخيير البدوي هو ذلك فإن منها لزوم المخالفة القطعية ولا ريب في
عدم لزومها بمجرد الالتزام وإنما تلزم بالعمل بأحدهما في الواقعة وبالآخر في العمل
مرة ثانية وهكذا الاستدلال بلزوم الهرج والمرج فانه إنما يلزم من العمل بهما لا من
الالتزام.
التنبيه الرابع: ان التخيير لا يثبت للتعادل إلّا بعد الفحص عن
المرجح
لا ريب إذا قلنا بأن الترجيح بالمرجحات واجب وأن المرجوح ليس بحجة
فلابد من الفحص عن المرجح ولا يجوز له التخيير بين المتعارضين لإحتمال ان ما
اختاره هو المرجوح وهو ليس بحجة، ولكن يمكن ان يقال ان الشك في المرجح من قبيل
الشبهة الموضوعية لانه شرط لوجوب الأخذ بالراجح نظير الاستطاعة للحج والشك في شرط
الوجوب يكون من قبيل الشبهة الموضوعية ولا يجب الفحص فيها ويرجع لأصالة عدمه، كما
انه على قول من قال بأن الترجيح بالمرجحات غير واجب وانه له التخيير حتى مع وجودها
فالمرجوح لا يسقط عن الحجية فلا يجب الفحص.
وقد يستدل على وجوب الفحص بانه ان كان الدليل هو حكم العقل بالتخيير
عند تساوي الأمارتين فلابد من إحراز حكم العقل بالتخيير ولا يكفي أصل عدم المرجح
بل ولا الظن المعتبر لانه إنما يرتب على الظن المعتبر الآثار الشرعية والتخيير حسب
الفرض حكم عقلي لا شرعي. ويمكن ان يقال عليه ان موضوع حكم العقل هو التساوي بنظر
الشارع وهو قد يحصل بالقطع به وقد يحصل بالظن المعتبر بل بأصالة عدم المرجح فانها
مثل أصالة عدم المعارض أو أصالة عدم المانع من الحجية للشيء فإن أصالة عدم المرجح
ترجع إلى أصالة عدم المانع من حجية الخبر الآخر.