المأمور به بالمنهي عنه فإنما يزيل الأمر والوجوب عن مورد الاجتماع
لأن التمانع إنما كان بينهما ولا يزيل مصلحة الأمر ولا ملاكه في مورد الاجتماع إذ
مع اجتماع المصلحة والمفسدة فيما هو الفرض ليست المصلحة تزول وإنما تتغلب المفسدة
عليها في تشريع الحكم فمصلحة الصلاة موجودة في الصلاة الغصبية.
والحاصل ان النهي قد كان موجوداً لأرجحية ملاكه وهو المفسدة على ملاك
الأمر بها وهو المصلحة وأزال الأمر بها فقط والإرادة التابعة لها لمضادة النهي
للأمر والكراهة للإرادة المنبعثتان عنهما. ويمكن المناقشة في ذلك بأن وجود الملاك
في المادة إنما استفدناه من الحكم الفعلي المتعلق بها فإن الصلاة إنما استفدنا
وجود مصلحة فيها من جهة تعلق الوجوب بها فإذا زال الحكم عنها لم يعلم وجود الملاك
فيها وهذا نظير العلم بوجود النار في المكان من العلم بوجود الدخان فيه فإذا زال
الدخان لم يعلم بوجود النار لا سيما إذا قيل بأن الأحكام قد تكون ملاكاتها قائمة
بنفسها كالأحكام الامتحانية أو بالمجوع المركب من نفسها ومتعلقاتها فإن الملاكات
لا ريب في أنها تزول بزوال الأحكام.
مبحث: الثمرة في معرفة الملاك
أنكر بعضهم الفائدة في هذا البحث لأن التزاحم في الملاك يرجع للمشرع
في معرفة وجوده وفي الاختيار لأحدهما عند التزاحم فما فائدة العبد في معرفته أو
معرفة الراجح منه لا سيما والأمر فيه يعود إلى التعارض فيؤخذ بالأقوى دلالة وإن
كان أرجح ملاكاً ويؤخذ بالأقوى سنداً وإن كان أضعف ملاكاً لأن الأمر فيه يرجع
للمولى فيعمل العبد بما يقرره المولى عليه إلّا ان بعض فطاحل الأصوليين صحح
العبادة والطاعة بقصد ملاكها ومصلحتها وإن زال الأمر بها بواسطة الأمر بضدها الذي
هو أهم منها كالصلاة إذا زاحمها إحياء النفس أو بواسطة اجتماعها مع النهي عنه
وتقديم جانب النهي كالصلاة في الدار المغصوبة عند النسيان أو الجهل بالحكم عن قصور
أو عند الاضطرار لمخالفة النهي. ويمكن القول بأنا لو سلمنا استفادة وجود