وأصحابه المتبعون نهجه مبرؤون من دعوة الناس إلى الأبوة والبنوة بهذا المعنى الذي هو أفضع أنواع الكفر ولكن جملة من النصارى مقابلة لغلو اليهود ودعواهم الفاسدة في المسيح بالغوا وغلوا وفسروا الابن بالبنوة الحقيقية وان الله تعالى هو الأب الحقيقي وقد قبل ذلك جهّالهم حتى انتشر هذا المذهب الفاسد في طوائف النصارى ولا ننكر فيهم من لا يعتقد بذلك ويفسر البنوة بمعنى آخر إلَّا إن أكثرهم على ما ذكرنا وقد استدلوا على كون المسيح ابن الله بحكمه على قوى الطبيعة قالوا انه سكن بأمره هيجان الأمواج ويبس التينة وحول الماء إلى الحر وطهر البرص وأعطى بصر للأعمى وجعل العرج يمشون وغفر الخطايا وشفع عند الله في الخطايا ثم إن إطلاق الأب على الله تعالى بأحد المعاني اللائقة وان كان صحيحا إلا أن الشريعة الإسلامية تأباه لما في ذلك من الإيهام ولان أسماء الله توقيفية كما إن إطلاق ابن الله على المسيح أو غيره بأحد المعاني الصحيحة محل توقف بل قال بعض انه منع من هذا الإطلاق في ملة محمد بالكلية تحرزا من الإيهام والوقوع في شرك الأوهام.

قال (صاحب الرسالة): فالقرآن والإنجيل يتفقان في كون المسيح ولد بطريقة عجيبة وانه روح الله ولذلك يكون افضل من محمد من حيثية ولادته.

أقول: قد تقدم إن الولادة بطريقة عجيبة من حيث هي لا تستلزم فضلا للمولود اللهم إلَّا أن تقترن بأمور أخر تدل على ذلك وقد ذكرنا ولادة محمد (ص) وما قارنها من الأمور الدالة على أفضليته وسيأتي الكلام على معنى كون المسيح روح الله.

والحاصل إن اتفاق القرآن والإنجيل على ولادته بطريقة عجيبة وعلى انه روح الله لا يقضى بكونه أفضل وقد سبق الكلام على هذا مفصلًا.