في لزوم تعيين الله للإمام، وبعد ثبوت
المقدمة الثانية للدليل العقلي وهي احتياج الشريعة إلى إمام حافظ يتضح ثبوت الظلم
على الله في عدم النصب، فمنع المقدمة أولى بالمنكِر فتفكر، ومَن منع هذه المقدمة
يُظهر منع السادسة أيضا.
مناقشة المقدمة السادسة:-
إذ غب ما قبح الظلم في حقه تعالى، امتنع صدوره منه البتة. فالقول بأن
امتناع الظلم لا يمنع الصدور لأنه ممكن، وكل ممكن يمكن وقوعه، بل قال علماء الكلام
إن كلّما شككت في إمكان شيء وعدمه فذره في بقعة الإمكان، فإن القبح لا يصيِّر
الشيء واجب الامتناع كشريك الباري، وكذلك الحسْن لا يجعل الشيء واجب الوجود، على
إن الوجوب والامتناع فعل ممكن يتوقف على إرادة ومشيئة، والمشيئة و اللامشيئة كلٌّ
منهما يحتاج إلى دليل، فإذا لم يدل على أحد الطرفين لا جرم أن يكون الصدور واللا
صدور فعلين مشكوكَين، ولم يثبت مما مضى إن صدور القبيح ممتنع على الباري كيما ينتج
الحكم البتّي بنصب الإمام.
موهونٌ بأن الثابت من الشرع عدم صدور القبح والظلم من الباري، وهو
يفيد الجزم بنصب الإمام الذي تركُه ظلم وقبح على إن امتناع صدور القبح من الله
تعالى ثابت في محله فليطلب ونشير إليه إجمالا، وهو صدور الفعل من الفاعل إما أن
يكون لغرض اقتضى صدوره منه أو لا، والأول يلزم إن يصدر منه ما يحصل به ذلك الغرض،
فلو قلنا بصدور الظلم من جانب الله تعالى لتحصيل ذلك الغرض فقد نسبنا العجز للقادر
عن تحصيله بغير الظلم تعالى الله عن ذلك، والثاني عبث محض أيضا تعالى الله عنه،
ويلزم ما هو محال من وجود المعلول