ويتدارك إصلاح أمر الدين لو ناشه ما يقتضي
إفساده من المعاندين فما المراد بالزيادة والنقيصة في الأخبار؟ وهذا المعنى هل
ينافي الغيبة أم لا؟.
فالجواب عن ذلك إنّ الظاهر من الزيادة والنقيصة أن تكون في العقائد
لا مطلقاً، وبناء على ذلك محافظة الإمام (ع) للدين من الزيادة والنقصان بالمعنى
المتقدّم لازم وهو حاصل، ويُحتمَل أن يراد بهما الاطلاق فتشمل فروع الدين والأحكام
العملية من الواجبات والمحرمات، وعلى هذا فيراد بالمحافظة المحافظة في الجملة، أيْ
ولو كانت في البعض دون البعض، ومن هنا إنّ بعض علماء الإمامية لمّا فسّروا أحاديث
الزيادة والنقصان التي لا بد أن يتداركها الإمام (ع) بالأعمّ من العقائد ذهبوا إلى
إنّ حجّية الإجماع من باب اللطف، وقالوا إنّ الأمّة لو اجتمعت على الخطأ أو
أُوْقِعوا في الضلالة يجب على الإمام (عجل الله فرجه) إرشادهم إمّا بظهوره لهم أو بطرق أخرى يحصل بها الإرشاد عند الزيغ
وإلّا تبطل فائدة وجود الإمام، وهذا الطريق وإن لم يكن مُرضٍ أكثر علمائنا
المحققين لكن بواسطة تلك الأخبار لا يمكن ردّ هذا الاحتمال، وتَفصيلُه في الأصول.
ويحتمل ثالثاً إنّ المراد من المحافظة المحافظة الشأنية ولو لم تصل
إلى الفعلية كما فسّر أخبار عزّة الشرع بذلك، القاضي وغيره من علمائنا، وملخّص ذلك
إنّه لا بد أن يكون في الأمّة إمام من جانب الله تعالى يمكنه حفظ الدين من الزيادة
والنقيصة وإن عاقَه عن ذلك ظلم الظالمين له، أو عاقَه بعض المصالح التي ترفع هذه
المفسدة مثل غيبته أو عدم بسط يده، والمعنى الأول أقرب والله العالم.