وقولهم (ابتداء) هو منصوب على المصدرية من الحمل أي حملًا
ابتداء أو من واجب الطاعة أي واجب الإطاعة وجوباً ابتداء ليخرج بذلك من وجب طاعته
لا كذلك، كطاعة النبي والإمام والوالد والسيد والزوج فإنه لا يسمى تكليفاً وإن وجب
طاعتهم إذ وجوبها ليس على سبيل الابتداء لتفرعها وتبعيتها لطاعة الحق عز وجل إذ
لولا إيجابه إياها لما تحقق الوجوب فيها، ولهذا كان الصبي المميز غير مكلف وإن كان
مخاطباً في شأنه الولي كما قرر في موضعه.
إن قلت على هذا لا يصدق
التكليف على الإباحة، لأنها لم يكن فيها بعث ولا حمل على ما فيه المشقة مع أنها
تعد من التكاليف، فيقال التكاليف الخمسة الوجوب والحرمة والاستحباب والكراهة
والإباحة، وقد عبر عنها في تعريف الحكم المتقدم بالتخيير.
قلنا لا نسلم إطلاق
التكليف عليها اصطلاحاً على سبيل الحقيقة، وإنما من باب التغليب كما يقال للشمس
والقمر القمرين، والتعبير المشهور هو أن يقال الأحكام الخمسة لا التكاليف الخمسة،
وإذا صدر إطلاق التكليف عليها فهو من الإلحاق لها بالتكاليف الأربعة من قبيل إلحاق
الضد بضده والمقابل لمقابله في التسمية كما يقال الأسودان لليل والنهار.
وعلى هذا قسموا الأحكام
التكليفية إلى خمسة، ونحن جريا على ذلك قسمناها إلى الخمسة وشرحناها شرحاً وافياً
إليك بيانه.
تقسيم الحكم التكليفي
قسم الاصوليون الحكم
التكليفي إلى الأحكام الخمسة الوجوب والندب والحرمة والكراهة والإباحة.