ثم أن القائلين بالحسن
والقبح العقليين أختلفوا في أن حسن الأشياء وقبحها الذين ثبت إدراك العقل إياهما
في الجملة هل هما ذاتيان؟ بمعنى أن ذات الفعل وماهيته ونوعه القريب معروض للحسن أو
القبح، من دون مدخلية لأوصاف الفعل وجوداً وعدماً في تحقق الحسن أو القبح، فالعدل
مثلًا حسن والظلم قبيح بذاتهما من دون مدخلية شيء من الأوصاف في تحققها نظير
الزوجية الثابتة للأربعة. وهذا ما ذهب إليه المتقدمون من المعتزلة، والظاهر أنه
إلى هذا يرجع من فسر الذاتي في هذا الباب بما يكفي في انتزاعه نفس ذات الشيء من
غير حاجة إلى ملاحظة أمر خارج عنها، كما هو الحال في لوازم الماهيات فيكون المراد
بالذاتي المستعمل في هذا المقام: هو ما تقتضيه نفس الذات. وهذا القول ينسب