لبعضهم من أن النزاع في أن العقل مع قطع النظر عن الشرع هل
يدرك أن الفعل مما يستحق فاعله الذم أو الثناء من الشارع أم لا؟ ووجه الفساد هو أن
النزاع في حكم العقل بحسن الفعل وقبحه في نفسه حتى لو فرض عدم الشارع، ولذا
استدلوا على وجودهما بحكم منكري الصانع بهما كما سيجيء إن شاء الله. كما جعل
مثبتوهما مؤثرين في حكمه تعالى على حَسبهما من إيجاب أو تحريم أو غيرهما. ثم أنه
لا وجه لتخصيص النزاع بأفعال العباد بل يشمل أفعال العباد وأفعاله تعالى كما
يقتضيه عموم عناوين النزاع والأدلة بل صريح الأمثلة.
نعم قد عرفت أن النزاع
بالنسبة لأفعال الله تعالى ينبغي إسقاط الثواب والعقاب فيه، ويقتصر على المدح
والذم لعدم اتصاف أفعاله تعالى بالثواب والعقاب، ولعل المراد من ذكرهما مع تعميمه
لمحل النزاع لأفعاله تعالى إرادته استحقاقهما في الموارد التي لا مانع من ثبوتهما
وإلّا فبعض أفعال العباد لا يثبت فيهما الثواب والعقاب كمقدمات الواجبات
وكالواجبات التوصلية مع اتصافها بالحسن واتصاف تركها بالقبح.
أدلة
المعتزلة
إذا عرفت ذلك فنقول:
أستدل المعتزلة على إبطال مذهب الأشاعرة. الدليل الأول: بأن حسن العدل والإحسان
بمعنى استحقاق فاعلهما المدح، وقبح الظلم والعدوان بمعنى استحقاق فاعلهما الذم
ضروري يشهد به كل أحد من غير نظر إلى ثبوته في الشرع، بل يحكم به من أنكر الشرع
ولم يقل به أصلًا كالبراهمة والملاحدة ولو كان شرعياً لما كان كذلك، بل أن من قال
منهم بحجية الأستحسان والمصالح قال بذلك فإن مرادهم: أن ما يستحسنه العقل ويحكم
فيه بمصلحة فهو حجة وإن لم