القول بأن النزاع بينهم لفظي فإن مراد المثبت من ثبوته هو
ثبوت الجعل التصوري الذي هو عبارة عن لحاظ الأجزاء والشروط والأسباب والموانع
وغيرها باللحاظ التصوري وهذا شيء مما لم ينكره أحد كيف والأمر بالمركب والمشروط
ونحوهما لا يتحقق من عاقل فضلا عن حكيم كامل إلّا بعد تصور الأجزاء والشروط
واضرابهما؟ ومراد المنكر إنكار الجعل التصديقي وهو أيضاً مما لم ينكره أحد فإنه
بعد الأمر بالمركب والمشروط مثلا لا معنى لأن يقول الآمر: اعلموا افهموا أني جعلت
الجزء الفلاني جزء والشيء الفلاني شرطاً بل الجزئية أو الشرطية يستفاد من الأمر
بالمركب أو بالمشروط، وذلك فإنه في الحقيقة راجع إلى القول بالإنكار المطلق فإن
محل كلامهم في الجعل التصديقي حسبما عرفت تفصيلا من كلماتهم مضافاً إلى أنه مستبعد
جداً منهم لعلو شأنهم عن النزاع اللفظي، ولذا ذكر جماعة منهم للمسألة ثمرات.
كيفية
جعل الحكم الوضعي
بعدما ثبت الجعل الشرعي
للأحكام الوضعية فهل هي مجعولة بجعل مستقل أم بجعل مشترك بينها وبين الأحكام
التكليفية الملازمة لها؟ وعلى التقدير الثاني هل يكون الجعل بالنسبة إليهما بنحو
المساواة من حيث الأصالة والتبعية أو كون التكليفي أصلًا والوضعي تبعاً أو بالعكس
أو يكون الأمر مختلفا بحسب الدليل؟ ولعل الوجه الآخر هو الأقرب لأن الجعل مستفاد
من الدليل، والدليل قد يدل على الجعل المستقل لها وقد يدل على الجعل المشترك
بينهما بأحد الأنحاء الثلاثة فمن ذلك الأخبار الدالة على نفي الطبيعة بانتفاء جزء
أو شرط منها مثل قوله (ص) (لا صلاة إلّا بطهور ولا نكاح إلّا بولي ولا
رضاع بعد فطام) فإنها كما