قال اللّه تبارك و تعالى: إِنَّ اللَّهَ
مَعَ الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ الَّذِينَ هُمْ مُحْسِنُونَ
صدق اللّه العلي العظيم و الحمد لله رب العالمين و الصلاة و السلام على اشرف
المخلوقين محمد خاتم النبيين و على آله و صحبه الغر الميامين.
[تمهيد]
وجوب الزكاة
و بعد فلا ريب في وجوب الزكاة شرعاً فانها من ضروريات الشريعة
المحمدية و إحدى الدعائم الخمس للديانة الإسلامية و قد قرنها اللّه تعالى بالصلاة
في كتابه العزيز بما يبلغ اثنين و ثلاثين آية على ما قيل و هذا ما يدل على شدة
طلبها و تأكد وجوبها.
فوائد وجوبها
و لو عملت بها الحكومات و نفذتها السلطات لسدت بها حاجات الفقراء و
المساكين و خفت حينذاك وطئت السجون و قلت الشرور و تقلصت دعاية المذاهب المتطرفة.
فان الفقر على ما ذكره علماء الاجتماع يدفع أصحابه نحو صنوف الجرائم و تروج في
آفاقه متطرفات المذاهب. و في الأثر كاد الفقر يكون كفراً و لا زال يشن حرباً شعواء
على الغنى و الثراء و يحدث صراعاً بين الفقراء و الاغنياء اعقب نتائج وخيمة و
آثاراً وبيلة كان مآلها فناء النفوس و اراقة الدماء و الفتن الصماء و الملمات
الخرساء و في عقيدتي أن الزكاة أحسن حل لهذه المعركة الدائرة بين الفقر و الغنى و
الجدة و العرى التي طالما تجاوز فيها أحد الفريقين حدوده الادبية و الطرف الآخر
حدوده الانسانية. و كيف لا يخمد تشريع الزكاة لهب هذه الحرب الضروس و بها تجعل
للغني على الفقير يد الطول و الاحسان و تخلق في الفقير نحو الغني نفسية الشكر و
الامتنان و عند ذا تتبادل بينهما لطائف العطف و روائع الحنان و يصبحان في جو مشبع
بروح التعاون و الاخوة هذا يرعى ذاك بفضل بره و ذاك يرعى هذا بجميل صنعه و طيب
معروفه فيتبدل الموقف إلى أحسنه و اطيبه. فبينما الفقير يتلمظ للوثبة على الغني و
إذا به يرجو الخير له و التوسعة عليه.
وقت تشريع الزكاة
و قد شرع اللّه تعالى هذا الحل العادل لتلك الخصومة في شهر رمضان و
قد قيل انه في السنة الثانية من الهجرة و في الخبر الصحيح عن أبي عبد اللّه انه
لما نزلت آية الزكاة: خُذْ مِنْ أَمْوالِهِمْ صَدَقَةً
تُطَهِّرُهُمْ وَ تُزَكِّيهِمْ في شهر رمضان أمر مناديه
فنادى في الناس ان اللّه تبارك و تعالى قد فرض عليكم الزكاة كما فرض عليكم الصلاة.
ثمّ لم يتعرض لشيء من أموالهم حتى حال عليه الحول من قابل فصاموا و افطروا فامر
مناديه فنادى في المسلمين ايها المسلمون زكوا اموالكم تقبل صلاتكم.