نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 328
محبّة مفرطة لا غير، و الإدراك كلّما
كان أتمّ، و المدرك أكمل، كان العشق أشدّ.
فنور الأنوار له قهر بالنّسبة إلى ما
سواه، من الموجودات، لشدّة نوريّته و قوّة إشراقه العقلىّ الغير المتناهى، لأنّه
لا يقف عند حدّ يتصوّره العقل، بل هو فوق ما لا يتناهى بما لا يتناهى.
و لا يعشق هو غيره ، لأنّ الشّيء لا
يعشق غيره إلاّ إذا كان أتمّ كمالا منه عنده فيما يعشقه، و غيره أقلّ كمالا منه،
بل لا كمال له بالنّسبة إليه.
و يعشق هو نفسه، لأنّ كماله ظاهر له، و
هو أجمل الأشياء و أكملها، و ظهوره لنفسه أشدّ (165
من كلّ ظهور لشيء بالقياس إلى غيره ، غير ذلك الشيء ، و نفسه، فظهور ذاته لذاته
أكمل من كلّ ظهور فى الوجود و أتمّ . و ليست اللّذة إلاّ الشّعور بالكمال الحاصل
من حيث هو كمال حاصل .
و اعلم: أنّ تصوّر ماهيّتى اللّذة و
الألم، أى الشّعور بهما و تميّزهما عمّا سواهما، بديهىّ وجدانىّ، فإنّا نجد عند
الأكل و الشّرب و الوقاع، حالة مخصوصة، هى اللّذة؛ و عند الضّرب و تفرّق الاتّصال
فى عضو، حالة أخرى مخصوصة، هى الألم. و لمّا كانت الحالة الّتي نجدها عند الأكل
غير الّتي نجدها عند الشّرب، مع اشتراكهما فى كونها لذّة، فالأمر المشترك بينهما
هو ماهيّة اللّذة.
و لأنّ من البديهيّات ما يفتقر إلى نوع
تنبيه، أراد أن ينبّه على ماهيّة هذا القدر المشترك الّذي نجده حاصلا فى كلّ صورة
توصف باللّذة، و غير حاصل فيما لا يوصف بها. لئلاّ يتوهّم أنّ لتلك المخصّصات
مدخلا فى كون اللذّة و فائدة التّنبيه على ماهيّة اللّذة أن يبيّن بالنّظر الحكمىّ
أنّ لذّة نور الأنوار أتمّ اللّذات و أكملها.
و قد اعتبر فى ماهيّتها أمور، الأوّل
الشّعور، إذ لا لذّة لمن لا شعور له، و الثّاني الكمال، و هو ما من شأنه أن يكون
للشّيء إذا كان صالحا و لائقا به، إذ ليس الشّعور بكلّ شيء لذّة، بل بالكمال.
و الثّالث الحاصل، إذ ليس الشّعور
بالكمال مطلقا هو اللّذة، لجواز أن يكون بصورة مساوية للكمال، و ليس ذلك بلذّة،
فلا بدّ من قيد الحصول.
نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 328