نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 12
لما كان لى داعية الإقدام على إظهاره،
فإنّ فيه من الصّعوبة ما تعلمون . و ذلك لكونه علما بما وراء المحسوسات و
المتوهّمات المألوفة الغالبة على الطّبائع الإنسيّة و محتاجا إلى برهان صحيح و كشف
صريح. و فى كلّ منهما موانع و شبه يعسر على أكثر الخلق التّخلّص عنها، لصعوبتها،
إلاّ من أيّد بروح قدسيّة تريه الأشياء كما هى، و لصعوبة العلم الإلهيّ. [قال سقراط:
«لا يعلم العلم الإلهيّ]إلاّ كلّ ذكىّ صبور» ، لأنّه لا يجتمع الصّفتان إلاّ على
النّدرة، إذ الذّكاء يكون من ميل مزاج الدّماغ إلى الحرارة، و الصّبر يكون من ميله
إلى البرودة، و قلّما يتّفق الاعتدال الّذي يستويان فيه و يقومان به.
و ما زلتم، يا معشر صحبى-وفّقكم اللّه
لما يحبّ و يرضى-تلتمسون منّى [أى: تطلبون] ، أن أكتب لكم كتابا أذكر فيه ما حصل
لى بالذّوق فى خلواتى ، أى فى حال إعراضى عن الأمور البدنيّة و اتّصالى بالمجرّدات
النّوريّة، لأنّ حقيقة الخلوة هى ترك المحسوسات و المألوفات الجسمانيّة و قطع
الخواطر الوهميّة و الخياليّة. و إلاّ فلو كان فى بيت خال، و القوّة الوهميّة و
الخياليّة عمّالتان، فهو بعد فى فرقة، لا فى خلوة ، و منازلاتى ، أى: و فى الأحوال
السّانحة لى عند اتّصالى بعالم الرّبوبيّة أو ببعض العقول الملكوتيّة. و هى أقسام:
فمنها منازلة أنا و أنت، و منازلة أنا و لا أنت، (7
و منازلة أنت و لا أنا، إلى غير ذلك، ممّا هو مذكور فى كتب أرباب التّصوّف من
أقسام المنازلات، فإنّها عبارة عن أحوال تلحق السّالك عند التّجرّد، فيلحظ عندها
أمورا شريفة. من قولهم: «نزل به أمر من الأمور» .
و لكلّ نفس طالبة قسط من نور اللّه، عزّ
و جلّ، قلّ أو كثر ، لأنّ الطّالب يبتدئ من الحواس، ثمّ يرتقى إلى عالم النّفس،
ثمّ إلى عالم العقل، ثمّ إلى عالم الرّبوبيّة. فبحسب سموّ السّالك يشتدّ نوره و
يكثر، و بحسب نزوله يضعف و يقلّ.
و المعنى: أنّهم سألونى أن أكتب لهم
ذوقى، و أنا طالب، و لكلّ طالب قسط، فأنا أكتب لهم ذلك القسط الّذي حصل لى. و هو
تواضع منه، و إلاّ فالقسط الّذي ذكره هو قسط العلماء المنتهين، لا قسط الفقراء
المبتدين.
نام کتاب : شرح حكمة الإشراق سهروردي نویسنده : قطب الدين الشيرازي جلد : 1 صفحه : 12