حَلِیَتِ الدُّنْیَا [1] فِی أَعْیُنِهِمْ وَ رَاقَهُمْ زِبْرِجُهَا! [2]

أَمَا وَ الَّذِی فَلَقَ الْحَبَّهَ وَ بَرَأَ النَّسَمَهَ [3] لَوْ لاَ حُضُورُ الْحَاضِرِ، [4]

وَ قِیَامُ الْحُجَّهِ بِوُجُودِ النَّاصِرِ [5] وَ مَا أَخَذَ اللَّهُ عَلَی الْعُلَمَاءِ أَلاَّ یُقَارُّوا [6]

عَلَی کِظَّهِ [7] ظَالِمٍ وَ لاَ سَغَبِ [8] مَظْلُومٍ لَأَلْقَیْتُ حَبْلَهَا عَلَی غَارِبِهَا [9] وَ لَسَقَیْتُ آخِرَهَا بِکَأْسِ أَوَّلِهَا وَ لَأَلْفَیْتُمْ دُنْیَاکُمْ هَذِهِ أَزْهَدَ عِنْدِی مِنْ عَفْطَهِ عَنْزٍ! [10]

قَالُوا وَ قَامَ إِلَیْهِ رَجُلٌ مِنْ أَهْلِ السَّوَادِ [11] عِنْدَ بُلُوغِهِ إِلَی هَذَا الْمَوْضِعِ مِنْ خُطْبَتِهِ فَنَاوَلَهُ کِتَاباً [قِیلَ: إِنَّ فِیهِ مَسَائِلَ کَانَ یُرِیدُ الْإِجَابَهَ عَنْهَا]، فَأَقْبَلَ یَنْظُرُ فِیهِ [فَلَمَّا فَرَغَ مِنْ قِرَاءَتِهِ] قَالَ لَهُ ابْنُ عَبَّاسٍ یَا أَمِیرَ الْمُؤْمِنِینَ لَوِ اطَّرَدَتْ خُطْبَتُکَ [12] مِنْ حَیْثُ أَفْضَیْتَ! [13]

فَقَالَ: هَیْهَاتَ یَا ابْنَ عَبَّاسٍ تِلْکَ شِقْشِقَهٌ [14] هَدَرَتْ [15] ثُمَّ قَرَّتْ! [16]

قَالَ ابْنُ عَبَّاسٍ فَوَاللَّهِ مَا أَسَفْتُ عَلَی کَلاَمٍ قَطُّ کَأَسَفِی عَلَی هَذَا الْکَلاَمِ أَلاَّ یَکُونَ أَمِیرُ الْمُؤْمِنِینَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ بَلَغَ مِنْهُ حَیْثُ أَرَادَ.

قال الشریف رضی اللّه عنه: قوله علیه السلام کراکب الصعبه إن أشنق لها خرم و إن أسلس لها تقحم یرید أنه إذا شدد علیها فی جذب الزمام و هی تنازعه رأسها خرم أنفها و إن أرخی لها شیئا مع صعوبتها تقحمت به فلم یملکها یقال: أشنق الناقه، إذا جذب رأسها بالزمام فرفعه و شنقها أیضا: ذکر ذلک ابن السکیت فی إصلاح المنطق و إنما قال:

أشنق لها و لم یقل أشنقها لأنه جعله فی مقابله قوله أسلس لها فکأنه علیه السلام قال:

إن رفع لها رأسها بمعنی أمسکه علیها بالزمام.

[1] 131.حَلیَت الدنیا: من حلیت المرأه إذا تزیّنت بحلیّها.

[2] 132.الزِبْرِجُ: الزینه من وشی أو جوهر.

[3] 133.النَسَمَه: - محرکه - الروح و هی فی البشر أرجح، و برأها: خلقها.

[4] 134.أراد «بالحاضر» هنا: من حضر لبیعته، فحضوره یلزمه بالبیعه.

[5] 135.أراد «بالناصر» هنا: الجیش الذی یستعین به علی إلزام الخارجین بالدخول فی البیعه الصحیحه.

[6] 136.ألاّ یُقَارّوا: ألاّ یوافقوا مقرّین.

[7] 137.الکِظّهُ: ما یعتری الآکل من الثّقل و الکرب عند امتلاء البطن بالطعام، و المراد استئثار الظالم بالحقوق.

[8] 138.السّغَب: شده الجوع، و المراد منه هضم حقوقه.

[9] 139.الغارب: الکاهل، و الکلام تمثیل للترک و إرسال الأمر.

[10] 140.عَفْطَه العَنْز: ما تنثره من أنفها. و أکثر ما یستعمل ذلک فی النعجه و إن کان الأشهر فی الاستعمال «النّفطه» بالنون.

[11] 141.السّوَاد: العراق، و سمّی سوادا لخضرته بالزرع و الأشجار، و العرب تسمی الأخضر أسود.

[12] 142.اطّرَدَتْ خطبتُکَ: أتبعت بخطبه أخری، من اطّراد النهر إذا تتابع جریه.

[13] 143.أفْضَیْتَ: أصل أفضی: خرج إلی الفضاء، و المراد هنا سکوت الإمام عما کان یرید قوله.

[14] 144.الشّقْشِقَهُ: بکسر فسکون فکسر: شیء کالرّئه یخرجه البعیر من فیه إذا هاج.

[15] 145.هَدَرَتْ: أطلقت صوتا کصوت البعیر عند إخراج الشّقشقه من فیه. و نسبه الهدیر إلیها نسبه إلی الآله.

[16] 146.قَرّتْ: سکنت و هدأت.