ثُمَّ أَسْکَنَ سُبْحَانَهُ آدَمَ دَاراً أَرْغَدَ فِیهَا عَیْشَهُ وَ آمَنَ فِیهَا مَحَلَّتَهُ وَ حَذَّرَهُ إِبْلِیسَ وَ عَدَاوَتَهُ فَاغْتَرَّهُ [1] عَدُوُّهُ نَفَاسَهً عَلَیْهِ بِدَارِ الْمُقَامِ وَ مُرَافَقَهِ الْأَبْرَارِ فَبَاعَ الْیَقِینَ بِشَکِّهِ وَ الْعَزِیمَهَ بِوَهْنِهِ وَ اسْتَبْدَلَ بِالْجَذَلِ [2] وَجَلاً [3] وَ بِالاِغْتِرَارِ نَدَماً ثُمَّ بَسَطَ اللَّهُ سُبْحَانَهُ لَهُ فِی تَوْبَتِهِ وَ لَقَّاهُ کَلِمَهَ رَحْمَتِهِ وَ وَعَدَهُ الْمَرَدَّ إِلَی جَنَّتِهِ وَ أَهْبَطَهُ إِلَی دَارِ الْبَلِیَّهِ وَ تَنَاسُلِ الذُّرِّیَّهِ.
اختیار الأنبیاء
وَ اصْطَفَی سُبْحَانَهُ مِنْ وَلَدِهِ أَنْبِیَاءَ أَخَذَ عَلَی الْوَحْیِ مِیثَاقَهُمْ [4] وَ عَلَی تَبْلِیغِ الرِّسَالَهِ أَمَانَتَهُمْ لَمَّا بَدَّلَ أَکْثَرُ خَلْقِهِ عَهْدَ اللَّهِ إِلَیْهِمْ فَجَهِلُوا حَقَّهُ وَ اتَّخَذُوا الْأَنْدَادَ [5] مَعَهُ وَ اجْتَالَتْهُمُ [6] الشَّیَاطِینُ عَنْ مَعْرِفَتِهِ وَ اقْتَطَعَتْهُمْ عَنْ عِبَادَتِهِ فَبَعَثَ فِیهِمْ رُسُلَهُ وَ وَاتَرَ [7] إِلَیهِم أَنبِیَاءَهُ لِیَستَأدُوهُم مِیثَاقَ فِطرَتِهِ وَ یُذَکّرُوهُم منَسیِ ّ نِعمَتِهِ وَ یَحتَجّوا عَلَیهِم بِالتّبلِیغِ وَ یُثِیرُوا لَهُم دَفَائِنَ العُقُولِ وَ یُرُوهُم آیَاتِ المَقدِرَهِ مِن سَقفٍ فَوقَهُم مَرفُوعٍ وَ مِهَادٍ تَحتَهُم مَوضُوعٍ وَ مَعَایِشَ تُحیِیهِم وَ آجَالٍ تُفنِیهِم وَ أَوصَابٍ [8] تُهرِمُهُم وَ أَحدَاثٍ تَتَابَعُ عَلَیهِم وَ لَم یُخلِ اللّهُ سُبحَانَهُ خَلقَهُ مِن نبَیِ ّ مُرسَلٍ أَو کِتَابٍ مُنزَلٍ أَو حُجّهٍ لَازِمَهٍ أَو مَحَجّهٍ [9] قَائِمَهٍ رُسُلٌ لَا تُقَصّرُ بِهِم قِلّهُ عَدَدِهِم وَ لَا کَثرَهُ المُکَذّبِینَ لَهُم مِن سَابِقٍ سمُیّ َ لَهُ مَن بَعدَهُ،
[1] 46.اغْتَرّ آدمَ عدوّهُ الشیطانُ: أی انتهز منه غرّه فأغواه.
[2] 47.الجَذَل:، بالتحریک: الفرح.
[3] 48.الوَجَل: الخوف.
[4] 49.میثاقهم: عهدهم.
[5] 50.الأنْدَادُ: الأمثال، و أراد المعبودین من دونه سبحانه و تعالی.
[6] 51.اجْتَالَتْهُمْ: - بالجیم - صرفتهم عن قصدهم.
[7] 52.وَاتَرَ إلیهم أنبیاءهُ: أرسلهم و بین کل نبیّ و من بعده فتره - و قوله: «لیستأدوهم»: لیطلبوا الأداء.
[8] 53.الأوْصَاب: المتاعب.
[9] 54.المحَجّه: الطریق القویمه الواضحه.