فِی عَهْدِهِ إِلَیْهِ حِینَ وَلاَّهُ مِصْرَ جِبَایَهَ خَرَاجِهَا وَ جِهَادَ عَدُوِّهَا وَ اسْتِصْلاَحَ أَهْلِهَا وَ عِمَارَهَ بِلاَدِهَا أَمَرَهُ بِتَقْوَی اللَّهِ وَ إِیْثَارِ طَاعَتِهِ وَ اتِّبَاعِ مَا أَمَرَ بِهِ فِی کِتَابِهِ مِنْ فَرَائِضِهِ وَ سُنَنِهِ الَّتِی لاَ یَسْعَدُ أَحَدٌ إِلاَّ بِاتِّبَاعِهَا وَ لاَ یَشْقَی إِلاَّ مَعَ جُحُودِهَا وَ إِضَاعَتِهَا وَ أَنْ یَنْصُرَ اللَّهَ سُبْحَانَهُ بِقَلْبِهِ وَ یَدِهِ وَ لِسَانِهِ فَإِنَّهُ جَلَّ اسْمُهُ قَدْ تَکَفَّلَ بِنَصْرِ مَنْ نَصَرَهُ وَ إِعْزَازِ مَنْ أَعَزَّهُ.
وَ أَمَرَهُ أَنْ یَکْسِرَ نَفْسَهُ مِنَ الشَّهَوَاتِ وَ یَزَعَهَا [1] عِنْدَ الْجَمَحَاتِ [2] فَإِنَّ النَّفْسَ أَمَّارَهٌ بِالسُّوءِ إِلاَّ مَا رَحِمَ اللَّهُ.
ثُمّ اعلَم یَا مَالِکُ أنَیّ قَد وَجّهتُکَ إِلَی بِلَادٍ قَد جَرَت عَلَیهَا دُوَلٌ قَبلَکَ مِن عَدلٍ وَ جَورٍ وَ أَنّ النّاسَ یَنظُرُونَ مِن أُمُورِکَ فِی مِثلِ مَا کُنتَ تَنظُرُ فِیهِ مِن أُمُورِ الوُلَاهِ قَبلَکَ وَ یَقُولُونَ فِیکَ مَا کُنتَ تَقُولُ فِیهِم وَ إِنّمَا یُستَدَلّ عَلَی الصّالِحِینَ بِمَا یجُریِ اللّهُ لَهُم عَلَی أَلسُنِ عِبَادِهِ فَلیَکُن أَحَبّ الذّخَائِرِ إِلَیکَ ذَخِیرَهُ العَمَلِ الصّالِحِ فَاملِک هَوَاکَ وَ شُحّ [3] بِنَفسِکَ عَمّا لَا یَحِلّ لَکَ فَإِنّ الشّحّ بِالنّفسِ الإِنصَافُ مِنهَا فِیمَا أَحَبّت أَو کَرِهَت وَ أَشعِر قَلبَکَ الرّحمَهَ لِلرّعِیّهِ وَ المَحَبّهَ لَهُم وَ اللّطفَ بِهِم وَ لَا تَکُونَنّ عَلَیهِم سَبُعاً ضَارِیاً تَغتَنِمُ أَکلَهُم فَإِنّهُم صِنفَانِ إِمّا أَخٌ لَکَ فِی الدّینِ وَ إِمّا نَظِیرٌ لَکَ فِی الخَلقِ یَفرُطُ [4]
[1] 4001. «یزعها»: یکفها.
[2] 4002.الجَمَحات: منازعات النفس إلی شهواتها و مآربها.
[3] 4003.شُحّ بنَفْسِک: ابخل بنفسک عن الوقوع فی غیر الحل، فلیس الحرص علی النفس إیفاءها کل ما تحب، بل من الحرص أن تحمل علی ما تکره.
[4] 4004.یَفْرُط: یسبق.