الله علیه وآله أَرْسَلَهُ بِوُجُوبِ الْحُجَجِ وَ ظُهُورِ الْفَلَجِ [1] وَ إِیضَاحِ الْمَنْهَجِ فَبَلَّغَ الرِّسَالَهَ صَادِعاً [2] بِهَا وَ حَمَلَ عَلَی الْمَحَجَّهِ دَالاًّ عَلَیْهَا وَ أَقَامَ أَعْلاَمَ الاِهْتِدَاءِ وَ مَنَارَ الضِّیَاءِ وَ جَعَلَ أَمْرَاسَ [3] الْإِسْلاَمِ مَتِینَهً وَ عُرَی الْإِیمَانِ وَثِیقَهً.
منها فی صفه خلق أصناف من الحیوان
وَ لَوْ فَکَّرُوا فِی عَظِیمِ الْقُدْرَهِ وَ جَسِیمِ النِّعْمَهِ لَرَجَعُوا إِلَی الطَّرِیقِ وَ خَافُوا عَذَابَ الْحَرِیقِ وَ لَکِنِ الْقُلُوبُ عَلِیلَهٌ وَ الْبَصَائِرُ مَدْخُولَهٌ أَ لاَ یَنْظُرُونَ إِلَی صَغِیرِ مَا خَلَقَ کَیْفَ أَحْکَمَ خَلْقَهُ وَ أَتْقَنَ تَرْکِیبَهُ وَ فَلَقَ لَهُ السَّمْعَ وَ الْبَصَرَ وَ سَوَّی لَهُ الْعَظْمَ وَ الْبَشَرَ [4]! انْظُرُوا إِلَی النَّمْلَهِ فِی صِغَرِ جُثَّتِهَا وَ لَطَافَهِ هَیْئَتِهَا لاَ تَکَادُ تُنَالُ بِلَحْظِ الْبَصَرِ وَ لاَ بِمُسْتَدْرَکِ الْفِکَرِ کَیْفَ دَبَّتْ عَلَی أَرْضِهَا وَ صُبَّتْ عَلَی رِزْقِهَا تَنْقُلُ الْحَبَّهَ إِلَی جُحْرِهَا وَ تُعِدُّهَا فِی مُسْتَقَرِّهَا تَجْمَعُ فِی حَرِّهَا لِبَرْدِهَا وَ فِی وِرْدِهَا لِصَدَرِهَا [5] مَکْفُولٌ بِرِزْقِهَا مَرْزُوقَهٌ بِوِفْقِهَا [6] لاَ یُغْفِلُهَا الْمَنَّانُ وَ لاَ یَحْرِمُهَا الدَّیَّانُ وَ لَوْ فِی الصَّفَا [7] الْیَابِسِ وَ الْحَجَرِ الْجَامِسِ وَ لَوْ فَکَّرْتَ فِی مَجَارِی أَکْلِهَا، فِی عُلْوِهَا وَ سُفْلِهَا، وَ مَا فِی الْجَوْفِ مِنْ شَرَاسِیفِ [8] بَطْنِهَا وَ مَا فِی الرَّأْسِ مِنْ عَیْنِهَا وَ أُذُنِهَا لَقَضَیْتَ مِنْ خَلْقِهَا عَجَباً وَ لَقِیتَ مِنْ وَصْفِهَا تَعَباً - فَتَعَالَی الَّذِی أَقَامَهَا عَلَی قَوَائِمِهَا وَ بَنَاهَا عَلَی دَعَائِمِهَا لَمْ یَشْرَکْهُ فِی فِطْرَتِهَا فَاطِرٌ
[1] 2368.الفَلَج: الظفر، و ظهوره: علو کلمه الدین.
[2] 2369.صادعاً: جاهرا. ء
[3] 2370.الأمراس: جمع مرس بالتحریک و هو جمع مرسه - بالتحریک -: و هو الحبل.
[4] 2371.البَشَر: جمع بشره، و هی ظاهر الجلد الإنسانی.
[5] 2372.الصَدَر - محرّکا - الرجوع بعد الورود.
[6] 2373.بِوِفْقِها: بکسر الواو، أی بما یوافقها من الرزق و یلائم طبعها.
[7] 2374.الصَفا: الحجر الأملس لا شقوق فیه. و الجامس: الجامد.
[8] 2375.الشَرَاسِیف: مقاطّ الأضلاع: و هی أطرافها التی تشرف علی البطن.