وَ أَزْمَعَ التَّرْحَالَ عِبَادُ اللَّهِ الْأَخْیَارُ وَ بَاعُوا قَلِیلاً مِنَ الدُّنْیَا لاَ یَبْقَی بِکَثِیرٍ مِنَ الْآخِرَهِ لاَ یَفْنَی مَا ضَرَّ إِخْوَانَنَا الَّذِینَ سُفِکَتْ دِمَاؤُهُمْ وَ هُمْ بِصِفِّینَ أَلاَّ یَکُونُوا الْیَوْمَ أَحْیَاءً یُسِیغُونَ الْغُصَصَ وَ یَشْرَبُونَ الرَّنْقَ [1]! قَدْ وَ اللَّهِ لَقُوا اللَّهَ فَوَفَّاهُمْ أُجُورَهُمْ وَ أَحَلَّهُمْ دَارَ الْأَمْنِ بَعْدَ خَوْفِهِمْ.
أَیْنَ إِخْوَانِیَ الَّذِینَ رَکِبُوا الطَّرِیقَ وَ مَضَوْا عَلَی الْحَقِّ؟ أَیْنَ عَمَّارٌ[2]؟ وَ أَیْنَ ابْنُ التَّیِّهَانِ؟ [3] وَ أَیْنَ ذُو الشَّهَادَتَیْنِ[4]؟ وَ أَیْنَ نُظَرَاؤُهُمْ مِنْ إِخْوَانِهِمُ الَّذِینَ تَعَاقَدُوا عَلَی الْمَنِیَّهِ وَ أُبْرِدَ بِرُءُوسِهِمْ [5] إِلَی الْفَجَرَهِ! قَالَ ثُمَّ ضَرَبَ بِیَدِهِ عَلَی لِحْیَتِهِ الشَّرِیفَهِ الْکَرِیمَهِ فَأَطَالَ الْبُکَاءَ ثُمَّ قَالَ عَلَیْهِ السَّلاَمُ أَوِّهِ [6] عَلَی إِخْوَانِیَ الَّذِینَ تَلَوُا الْقُرْآنَ فَأَحْکَمُوهُ وَ تَدَبَّرُوا الْفَرْضَ فَأَقَامُوهُ - أَحْیَوُا السُّنَّهَ وَ أَمَاتُوا الْبِدْعَهَ دُعُوا لِلْجِهَادِ فَأَجَابُوا وَ وَثِقُوا بِالْقَائِدِ فَاتَّبَعُوهُ.
ثُمَّ نَادَی بِأَعْلَی صَوْتِهِ -
الْجِهَادَ الْجِهَادَ عِبَادَ اللَّهِ أَلاَ وَ إِنِّی مُعَسْکِرٌ فِی یَومِی هَذَا فَمَنْ أَرَادَ الرَّوَاحَ إِلَی اللَّهِ فَلْیَخْرُجْ.
قَالَ نَوْفٌ وَ عَقَدَ لِلْحُسَیْنِ عَلَیْهِ السَّلاَمُ فِی عَشَرَهِ آلاَفٍ وَ لِقَیْسِ بْنِ سَعْدٍ رَحِمَهُ اللَّهُ فِی عَشَرَهِ آلاَفٍ وَ لِأَبِی أَیُّوبَ الْأَنْصَارِیِّ فِی عَشَرَهِ آلاَفٍ وَ لِغَیْرِهِمْ عَلَی أَعْدَادٍ أُخَرَ وَ هُوَ یُرِیدُ الرَّجْعَهَ إِلَی صِفِّینَ فَمَا دَارَتِ الْجُمُعَهُ حَتَّی ضَرَبَهُ الْمَلْعُونُ ابْنُ مُلْجَمٍ لَعَنَهُ اللَّهُ فَتَرَاجَعَتِ الْعَسَاکِرُ فَکُنَّا کَأَغْنَامٍ فَقَدَتْ رَاعِیَهَا تَخْتَطِفُهَا الذِّئَابُ مِنْ کُلِّ مَکَانٍ!
[1] 2335.الرَّنِقُ - بکسر النون و فتحها و سکونها -: الکدر.
[2] 2336.عمار بن یاسر: من السابقین الأولین.
[3] 2337.أبو الهیثم مالک بن التّیهان: بتشدید الیاء و کسرها: من أکابر الصحابه.
[4] 2338.ذو الشهادتین: خزیمه بن ثابت الأنصاری، قبل النبی شهادته بشهاده رجلین فی قصه مشهوره.
[5] 2339.أُبرِدَ برؤوسهم: أی أرسلت مع البرید بعد قتلهم إلی الفجره البغاه فتشفی منهم رضی اللّه عنهم.
[6] 2340.أوِّهِ: - بفتح الهمزه و کسر الواو و تشدیدها و کسر الهاء -: کلمه توجّع.