عَظَمَتُهُ الْعُقُولَ فَلَمْ تَجِدْ مَسَاغاً إِلَی بُلُوغِ غَایَهِ مَلَکُوتِهِ! هُوَ اللَّهُ اَلْحَقُّ الْمُبِینُ أَحَقُّ وَ أَبْیَنُ مِمَّا تَرَی الْعُیُونُ لَمْ تَبْلُغْهُ الْعُقُولُ بِتَحْدِیدٍ فَیَکُونَ مُشَبَّهاً وَ لَمْ تَقَعْ عَلَیْهِ الْأَوْهَامُ بِتَقْدِیرٍ فَیَکُونَ مُمَثَّلاً خَلَقَ الْخَلْقَ عَلَی غَیْرِ تَمْثِیلٍ وَ لاَ مَشُورَهِ مُشِیرٍ وَ لاَ مَعُونَهِ مُعِینٍ فَتَمَّ خَلْقُهُ بِأَمْرِهِ وَ أَذْعَنَ لِطَاعَتِهِ فَأَجَابَ وَ لَمْ یُدَافِعْ وَ انْقَادَ وَ لَمْ یُنَازِعْ.
خلقه الخفاش
وَ مِنْ لَطَائِفِ صَنْعَتِهِ وَ عَجَائِبِ خِلْقَتِهِ مَا أَرَانَا مِنْ غَوَامِضِ الْحِکْمَهِ فِی هَذِهِ الْخَفَافِیشِ الَّتِی یَقْبِضُهَا الضِّیَاءُ الْبَاسِطُ لِکُلِّ شَیْءٍ وَ یَبْسُطُهَا الظَّلاَمُ الْقَابِضُ لِکُلِّ حَیٍّ وَ کَیْفَ عَشِیَتْ [1] أَعْیُنُهَا عَنْ أَنْ تَسْتَمِدَّ مِنَ الشَّمْسِ الْمُضِیئَهِ نُوراً تَهْتَدِی بِهِ فِی مَذَاهِبِهَا وَ تَتَّصِلُ بِعَلاَنِیَهِ بُرْهَانِ الشَّمْسِ إِلَی مَعَارِفِهَا وَ رَدَعَهَا بِتَلَأْلُؤِ ضِیَائِهَا عَنِ الْمُضِیِّ فِی سُبُحَاتِ [2] إِشْرَاقِهَا وَ أَکَنَّهَا فِی مَکَامِنِهَا عَنِ الذَّهَابِ فِی بُلَجِ ائْتِلاَقِهَا [3] فَهِیَ مُسْدَلَهُ الْجُفُونِ بِالنَّهَارِ عَلَی حِدَاقِهَا وَ جَاعِلَهُ اللَّیْلِ سِرَاجاً تَسْتَدِلُّ بِهِ فِی الْتِمَاسِ أَرْزَاقِهَا فَلاَ یَرُدُّ أَبْصَارَهَا إِسْدَافُ [4] ظُلمَتِهِ وَ لَا تَمتَنِعُ مِنَ المضُیِ ّ فِیهِ لِغَسَقِ دُجُنّتِهِ [5] فَإِذَا أَلقَتِ الشّمسُ قِنَاعَهَا وَ بَدَت أَوضَاحُ [6] نَهَارِهَا وَ دَخَلَ مِن إِشرَاقِ نُورِهَا عَلَی الضّبَابِ فِی وِجَارِهَا [7] أَطبَقَتِ الأَجفَانَ عَلَی مَآقِیهَا [8]،
[1] 1902.العَشَا - مقصورا -: سوء البصر و ضعفه.
[2] 1903.سُبُحات النور: درجاته و أطواره
[3] 1904.الائْتِلاف: اللمعان. و البلج - بالتحریک - الضوء و وضوحه.
[4] 1905.أسْدَفَ اللیلُ: أظلم.
[5] 1906.الدُجُنّه: الظلمه، و غسق الدّجنّه: شدّتها.
[6] 1907.أوضاح: جمع وضح بالتحریک - و هو هنا بیاض الصبح.
[7] 1908.الضّباب - ککتاب - جمع ضبّ: الحیوان المعروف. و الوجار - ککتاب - الجحر.
[8] 1909.مآقیها: جمع مأق - و هو طرف العین مما یلی الأنف.