أقول: أمّا القصاص في كسر العظام فقد تقدّم أنّه لا قصاص فيه، و تفصيل
بحثه في محلّه.
و أمّا الجروح التي فيها القصاص فلا ينبغي الإشكال في عدم توقّف
الاقتصاص فيها على عدم اندمال جرح المجني عليه؛ و إلّا لم يبقَ قصاص في الجروح، و
إنّما البحث في وجوب الصبر حتى يندمل الجرح و عدمه بلحاظ تحديد مقدار الجناية؛
لاحتمال سراية الجرح إلى تلف النفس أو ازدياده و اتّساعه، فلو اقتصّ قبل ذلك فقد
يمنع ذلك من إمكان الاقتصاص ثانياً لما سرى إليه؛ لاستلزامه جناية زائدة في
القصاص- كما تقدّم عن ابن الجنيد و إن ناقشه العلّامة- و هذا أيضاً بحث آخر خارج
عمّا نحن بصدده، فمع قطع النظر عن هذه الحيثيّة تكون أدلّة القصاص في الجروح شاملة
للمقام بمجرّد تحقّق الجرح، و إنّما البحث بعد ذلك في سقوط قصاص الجرح الزائد إذا
حصلت السراية و عدمه.
و أمّا قصاص الأطراف- أعني قطع عضو و نحوه، و الذي تقدّم أنّ الموضوع
و الموجب له بمقتضى المقابلة في أدلّته بين عضو الجاني و عضو المجني عليه أو
بمقتضى معتبرة إسحاق بن عمّار تحقّق النقص و الشين في بدن المجني عليه- فهل يجب فيه
الصبر حتى يظهر البرء و عود العضو المقطوع إلى حالته الاولى فلا قصاص أو يظهر عدم
الصلاح فيثبت القصاص و يستقرّ، أو لا يجب فيه الصبر، بل ما دام العضو مقطوعاً و لم
يوصل بعدُ كان له القصاص؛ لصدق تحقّق الشين و النقص في تلك الحال، غاية الأمر لو
أوصله بعد الاقتصاص كان للآخر قطعه، و كذلك في طرف العكس؟
الإنصاف أنّا لو استفدنا من أدلّة قصاص الطرف- و لو ببركة معتبرة
إسحاق- أنّ الموضوع و الموجب لهذا القسم من القصاص هو الشين و نقصان العضو لا
مجرّد تحقّق الإبانة و القطع في زمان، فالمتفاهم من ذلك عرفاً أنّ الموجب له استمرار
ذلك النقص في البدن من ناحية شخص ذلك العضو بحيث ينبغي التثبّت منه و الصبر