على ما سيأتي تقريبه. فلا يمكن أن يستفاد
من السكوت حجّية علم القاضي الشخصي في القضاء و فصل الخصومة.
و منه يظهر الإشكال على التقريب الثاني، فإنّه مضافاً إلى ما عرفت-
من أنّ ذكر عدم الرؤية و الشهادة في سؤال النبيّ لذلك لا لجعل صورة علم القاضي
قسيماً للبيّنة و الايمان في الحجّية القضائية- ما ورد في الجواب من التعميم، حيث
ورد في صدره «احكم بينهم بكتابي و أضفهم إلى اسمي فحلّفهم به» و هذا الصدر ليس
مخصوصاً بموارد عدم العلم و لا موارد اليمين، بل يعمّ تمام الصور و الأقسام، فهذا
قرينة على عدم إرادة التصنيف و التقسيم للحجّيّة القضائية، بل يكون ظاهر الحديث
أنّه بصدد بيان كيفية القضاء عموماً، و أنّه من حيث الحكم لا بدّ و أن يكون بحكم
اللَّه و ما أنزله في كتابه، و من حيث الموضوع و طرق إثباته يكون بالبيّنات و
الايمان، فيكون على وزان قوله صلى الله عليه و آله و سلم: «إنّما أقضي بينكم
بالبيّنات و الايمان» ([1]).
و ثانياً: لو سلّمنا الدلالة، فغايته حجّية علم
القاضي الشخصي في حقوق الناس لا مطلقاً؛ و ذلك بقرينة ما ورد فيه من ذكر اليمين و
التحليف ممّا هو مخصوص بحقوق الناس، و دعوى عدم احتمال الفرق أو إلغاء الخصوصية
ممنوع بعد ما عرفت من القول بالفصل و احتماله عرفاً. كما أنّه مخصوص بما إذا كان
علم القاضي حسّياً حاصلًا من مثل السماع و المشاهدة و النظر؛ لأنّه الوارد في
السؤال.
و دعوى حمل ذلك عرفاً على مطلق العلم بالواقع،
و أنّ ذكر النظر و المشاهدة من باب كونهما من طرق حصول العلم عادة، فيتعدّى إلى
كلّ ما يوجب العلم.
ممنوعة في مثل باب القضاء الذي يتحرّج فيه من
إعطاء الحكم و يطلب فيه التثبّت و التأكّد، و من هنا لم يكن إشكال في عدم إمكان
التعدّي إلى العلم الحاصل من العلوم الغريبة.
[1] الوسائل 18: 169، ب 2
من كيفيّة الحكم و أحكام الدعوى، ح 1.