فيكون ذلك للكلّ ، فينبغي رفع الحسد والبغض ، والنظر إلى نفع الكلّ ،
والاجتناب عن تضرّرهم والتألّم لهم ، إلّا على وجه شرعيّ من حدّ وتعزير.
ففيها إشارة
إلى منع الحسد ، وجميع المفاسد ، والضرر ، وقصد جميع الخير بالنسبة إلى نفسه وغيره
، من قريب وبعيد ، واحتساب أنّ نفع الغير نفعه ، وكذا ضرره وإذا عمل الإنسان ذلك
لم يقع فساد أصلا.
أي فرض وواجب
عليكم التعويض فيمن قتل منكم بأن يفعل بالقاتل منكم عمدا ما فعل بالمقتول ، بمعنى
أن ليس له أن يأبى عن ذلك بل يسلّم نفسه لو أراد ذلك صاحب الحقّ ، فلا ينافيه جواز
أخذ الدّية والعفو من غير شيء ، فإنّه إحسان وما على المحسنين من سبيل ، كما يبرأ
ذمّة من عليه الحقّ كما يفهم من الآية والأخبار ولا عدم جواز القتل في غير العمد
لأنّ المراد هنا العمد بالإجماع ، وأدلّة أخرى ، فيجب على الحرّ أن يسلّم نفسه
للقتل إن قتل حرّا عمدا ، وكذا العبد والأنثى ، سواء كانت أمة أو حرّة قال في مجمع
البيان : أما من يتولّى القصاص فهو إمام المسلمين وهذا خلاف ما عليه أكثر الأصحاب
فإنّه القائل به والشيخ في المبسوط والعلّامة في القواعد ، مع أنّهما أيضا في
غيرهما على عدم الاشتراط ويدلّ عليه الأصل ، وعموم الأخبار والآيات ، وخصوص (فَقَدْ جَعَلْنا لِوَلِيِّهِ سُلْطاناً)[٢].
(فَمَنْ عُفِيَ لَهُ
مِنْ أَخِيهِ شَيْءٌ) قيل : المراد بمن القاتل ، وبالأخ المقتول وتسمية
القاتل بأخ المقتول ، تدلّ على عدم خروجه بالقتل عن إخوّة الايمان فالقاتل مؤمن
ولم يخرج عنه بالقتل ، فدلّ على عدم اعتبار ترك المعاصي حتّى قتل المؤمن في
الايمان ، وقيل المراد بالأخ العافي الّذي هو وليّ الدّم سمّاه الله أخا للقاتل
ليشفق عليه بأن يقبل الدية أو يعفو بالكلّية ، أو لا يقتله على طريق المشقّة ولا
يبغضه