وقال البيضاويّ
: وظاهره يدلّ على أنّ العدة بالإظهار وأنّ طلاق المعتدّة بالأقراء ينبغي أن يكون
في الطهر ، وأنّه يحرم في الحيض من حيث إنّ الأمر بالشيء يستدعي النهي عن ضدّه ولا
يدلّ على عدم وقوعه ، إذ النهي لا يستلزم الفساد كيف وقد صحّ أنّ ابن عمر لمّا
طلّق امرأته حائضا أمره عليهالسلام بالرجعة ، وهو سبب نزوله.
وفيه تأمّل
أمّا أوّلا فلأنّه ينبغي أن يقول : «يجب» بدل «ينبغي» وكأنّه يريد به ذلك ، وهو لا
ينبغي وثانيا فإنّه لا أمر للوجوب هنا إذ لا يجب الطلاق وثالثا فانّ ذلك فرع دلالة
أنّ الأمر بالشيء يستلزم النهي عن ضدّه الخاصّ ، وأكثر أصحاب الشافعيّة على خلاف
ذلك فان كان مذهبه ذلك وإلّا فيكون منافيا لمذهبه ، فتأمّل كلامه في المنهاج فإنّه
ظاهر في ذلك ، ورابعا فانّ الطلاق في الحيض ليس ضدّ الطلاق في الطهر.
وخامسا فانّ
هذه الدلالة بالمفهوم ، وبما ذكرناه ، إلّا أن يتكلّف ويقال إنّه واجب بالنسبة إلى
القيد ، أي لعدّتهنّ ، فتدلّ على الوجوب المستلزم لتحريم ضدّه ، وفيه مع التكلّف
تأمّل لأنّه حينئذ ليس بواجب بالمعنى المقرّر بل بمعنى الشرط فيدلّ على عدم الوقوع
لا التحريم فقط ، وهو لا يقول به ، أو الوجوب بالشرط أي يجب الإيقاع في الطهر على
تقدير الإيقاع كما يقال مثل ذلك في الوضوء للصلاة المندوبة والقبلة وغير ذلك ، وهو
بعيد عن الوجوب المصطلح الّذي يريد دلالته على تحريم الضدّ ، فإنّه لا يترتّب
استحقاق العقاب ولا الذمّ على ترك الطلاق في الطهر بل إنّما يتحقّق بإيقاعه في
الحيض وهو ظاهر ، وعلى تقدير التسليم فالظاهر أنّ دلالته على عدم الانعقاد أظهر من
دلالته على التحريم ، وأنّه بالمفهوم لا بالوجه الّذي ذكره فافهم.
وسادسا فإنّه
يمكن أن يكون الرجعة في خبر ابن عمر بالمعنى اللّغوي لا باصطلاح الفقهاء لما قاله
إنّه سبب النزول ، فيكون الغرض تعليم الطلاق الصحيح المترتّب عليه أثره.