ويمكن أن يكون
معنى الآية الله يعلم أنّه صلوات الله عليه وآله لمّا حصل له الأذى والندامة وضيق
الخلق بسبب الفتنة الّتي فعلن كما هو عادة النساء على ما نراها الآن أيضا فأراد
منع نفسه عن هذا الأمر الّذي هو سبب ذلك وإن كان محبوبا عنده ومستلذّا به إرادة
مرضاتهنّ حتّى لا تصير فتنة فقال منعت نفسي عن هذا ولا أرتكبه أبدا ، فقال الله
تعالى لم تمنع نفسك عن مشتهياتك بسبب مرضات زوجاتك فانّ رضاك وهواك مقدّم على
رضاهنّ فافعل ما تريد وإن فعلن هنّ ما أردن والإثم لهنّ لا لك فيكون التحريم
بالمعنى اللّغويّ كما في قوله تعالى (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ
الْمَراضِعَ) أي منعنا موسى عن ارتضاع امرأة مطلقا إلّا امّه حتّى
رجع إليها.
ونقل في الكشاف
عن الشعبيّ : لم تمتنع منه؟ إلى قوله ونحوه قوله تعالى : (وَحَرَّمْنا عَلَيْهِ الْمَراضِعَ) أي منعناه منها ، ويحتمل أيضا أن يكون المعنى الشرعيّ
ويكون صلىاللهعليهوآله يعرف حلّيّة ذلك إمّا بالعقل أو بالوحي ، وقد كان
مكروها فالله تعالى ذكر أنك لم تترك هذا المباح وتفعل المكروه لمرضاة زوجاتك وهنّ
لا يستحقّنّ أن تترك لهنّ ما تحبّ ، وتفعل ما تكره وأكره إنا أيضا ذلك لك ، فلا
زلّة للنبيّ صلىاللهعليهوآله في هذه الآية بتحريم ما حلّل الله كما قال في القاضي
حاشاه فانّ مثل ذلك لا يجوّزون لأدنى متفقّه بل عاميّ فكيف لأكرم خلق الله وأعزّه
عند الله وأعلمهم ، بل تحريم ما حلّله الله كفر مع العلم ، والظاهر أنّ مع الجهل
لا شيء عليه لكنّه منتف هنا ، فلا دلالة.
والعجب من
الكشاف أنّه قال : وكان هذا زلّة منه لأنّه ليس لأحد أن يحرّم ما أحلّ الله لأنّ
الله عزوجل إنّما أحلّ ما أحلّ لحكمة ومصلحة عرفها في إحلاله فإذا
حرّم كان ذلك قلب المصلحة مفسدة ، لأنّ عدم جواز تحريم ما أحلّه الله ظاهر ولا
يحتاج إلى الدليل ومعلوم انتفاؤه عنه صلىاللهعليهوآله.
(وَاللهُ غَفُورٌ) لكلّ مؤمن فيغفر لمن يريد بالعفو أو بالتوبة بأن يوفّقه
له و (رَحِيمٌ) قد يرحم لمن يشاء ، ويحتمل أن يكون إشارة إلى أنّ هذا
الّذي فعلت