غضّ البصر ، مطلقا تأمل [١] إذ المستحبّ النظر إلى موضع السجدة حال القيام إلى آخر
ما هو المشهور. نعم ، ورد غضّ البصر حال الركوع ، في رواية حمّاد [٢] وفي رواية زرارة النظر إلى ما بين الرجلين [٣] وحمل الشيخ الأولى على الثانية بأنّه إذا لم ينظر إلّا
إلى ما بين رجليه كأنّه غضّ بصره ويحتمل العمل بهما ، فيكون كلّ واحد من الغضّ
والنظر مستحبّا تخييريّا وأيضا كون الإقبال إليها من الجوارح غير ظاهر فتأمّل.
وفي الكشاف :
الخشوع في الصلاة خشية القلب ، وإلزام البصر موضع السجود ولعلّ مراده حال القيام ،
وبالجملة الظاهر أنّه حضور القلب وتأثّره وخوفه وطمعه ، ويظهر ذلك بالتوجّه
بالكلّية إلى الصلاة وإلى الله ، بحيث يظهر أثر البكاء في العين ، والاضطراب في
القلب ، واستعمال الأعضاء الظاهرة على الوجه المندوب وترك المكروهات مثل العبث
بجسده وثيابه ، والالتفات يمينا وشمالا ، بل النظر إلى غير المسجد حال القيام ،
والتمطّي والتثاؤب والفرقعة وغير ذلك ممّا بيّن في الفروع وورد في الأصول [٤] يعني لا يفعل المكروهات ، ويفعل المندوبات في الصلاة.
(وَالَّذِينَ هُمْ
عَنِ اللَّغْوِ مُعْرِضُونَ) واللّغو ما لا يعنيك من قول أو فعل ، كاللّعب والهزل ،
وما يوجب المروّة إلقاءه وإطراحه ، يعني أنّ لهم من الجدّ في العبادة ما يشغلهم عن
الهزل وقال في الكشاف : ولمّا وصفهم بالخشوع في الصلاة ، أنبأه الوصف بالإعراض عن
اللّغو ليجمع لهم الفعل والترك الشاقّين على الأنفس اللّذين هما قاعدتا بناء
التكليف ، وأنت تعلم أنّ الخشوع في الصلاة كان مشتملا على الفعل والترك ، وترك
اللّغو أي مالا يعني مطلقا فعلا كان أو تركا ، فترك الترك الّذي
[١] أقول : لا منافاة
فإن الغض دون الغمض ، فإذا غض الإنسان بصره ، وقع نظره في القيام على موضع السجدة
، وفي الركوع بين رجليه ، وفي الجلوس على ذيله.