قال في الكشّاف
: العفو ضدّ الجهد كأنّه هو المشقّة ، فالعفو هو السهولة أي خذ يا محمّد ما عفا لك
من أفعال الناس وأخلاقهم وما أتى منهم ، وتسهّل من غير كلفة ولا تداقّهم ، ولا
تطلب منهم الجهد وما يشقّ عليهم ، حتّى لا ينفروا كقوله عليهالسلام يسّروا ولا تعسّروا ، والعرف المعروف والجميل من
الأفعال وأعرض عن الجاهلين. ولا تكافؤ السفهاء مثل سفههم ، ولا تمارهم وأحلم عنهم
، وأغض عمّا يسوؤك منهم ، وقيل لمّا نزلت الآية سأل جبرئيلعليهالسلام فقال : لا أدري حتّى أسأل ثمّ رجع فقال : يا محمّد إنّ
ربّك أمرك أن تصل من قطعك وتعطى من حرمك وتعفو عمّن ظلمك. وعن جعفر الصادق رضياللهعنه : أمر الله نبيّه بمكارم الأخلاق وليس في القرآن آية
أجمع لمكارم الأخلاق منها.
فهذه دالّة على
رجحان حسن الخلق من العفو ممّا يستحقّه الإنسان في ذمّة الغير من الحقوق وغيره ،
واستعمال اللّين والملاءمة في المعاملات ، والأمر بالمعروف والاعراض عن الجهّال ،
وعدم مؤاخذتهم بما فعلوا بالنسبة إلى الإنسان ويؤيّده (وَإِذا خاطَبَهُمُ الْجاهِلُونَ قالُوا
سَلاماً)[٢] وعلى عدم المماكسة وإعطاء الزائد وأخذ الناقص ، وعدم
الربح على الموعود بالإحسان بل مطلق المؤمن ونحو ذلك من الإحسان.
قال في مجمع
البيان قيل : فيه أقوال : المراد لن يجعل الله لليهود على المؤمنين نصرا ولا ظهورا
، قيل : بالحجّة ، وإن جاز أن يغلبهم بالقوّة ، ولو حملناه على الغلبة لكان صحيحا
لأنّ غلبة الكفّار على المؤمنين ليس من الله تعالى ، وقال القاضي : حينئذ أي في
الآخرة أو في الدنيا والمراد بالسبيل الحجّة ، واحتجّ به أصحابنا على فساد شراء
الكافر المسلم والحنفيّة على حصول البينونة [٤] بنفس الارتداد ، وهو