كان رسول الله صلىاللهعليهوآله لا ينظر إلى ما يستحسن من الدّنيا هكذا في مجمع البيان
وعلى هذا على تقدير وجوب التأسّي يحرم على أمّته أيضا ذلك ، إلّا أن يكون من
خصائصه صلىاللهعليهوآله وليس بمعلوم ولا منقول في خصائصه ، والمراد بالنظر
المنهيّ النظر الراغب الطامع فيه كما صرّح به في الكشّاف ، ويحتمل أن يكون على وجه
الحسد والسلب عن غيره ، أو حصوله له من غير وجه شرعيّ فيحرم عليه وعلى أمّته بغير
نزاع فتأمّل (وَلا تَحْزَنْ
عَلَيْهِمْ) أي على كفّار قريش بأنّهم ما آمنوا ، أو نزل بهم العذاب
، أو لا تحزن عليهم بما يصيرون إليه من عذاب جهنّم ودلالة هذه أيضا على تحريم ذلك
على أمّته مثل ما تقدّم وقريب منها قوله (وَلا تَأْخُذْكُمْ
بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللهِ) وقوله (وَاخْفِضْ جَناحَكَ لِلْمُؤْمِنِينَ)[١] أي ألن لهم جانبك وارفق بهم ، يدلّ على وجوب ذلك على
الكلّ كما تقدّم.
وأمّا قوله (فَاصْدَعْ بِما تُؤْمَرُ)[٢] أي أظهره ولا تخفه خوفا وتقيّة لأنّ الله يعصمك عن
الناس ، فالظاهر أنّه من خصائصه إذ يجب على غيره التقيّة في محلّها ، أو يحمل على
غير محلّها ، وأمّا الترغيب بالتسبيح بقول سبحان الله والحمد لله [ومؤيّده
واستعينوا بالصبر والصلاة] [٣] عند ضيق القلب وهجوم الغمّ ، والكون من الّذين يسجدون
لله وحده ويتوجّهون إلى الله بالسجود له ، والكون على العبادة إلى أن يأتي الموت
على ما يدلّ عليه قوله تعالى بعد ذلك (وَلَقَدْ نَعْلَمُ
أَنَّكَ يَضِيقُ صَدْرُكَ بِما يَقُولُونَ فَسَبِّحْ بِحَمْدِ رَبِّكَ وَكُنْ مِنَ
السَّاجِدِينَ. وَاعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ) أي الموت ، فالظاهر أنه ليس بمخصوص به صلىاللهعليهوآله.
(وَعِبادُ الرَّحْمنِ)[٤] مبتدأ خبره ما يجيء في آخر السورة (أُوْلئِكَ يُجْزَوْنَ الْغُرْفَةَ) إلخ (الَّذِينَ يَمْشُونَ
عَلَى الْأَرْضِ هَوْناً) صفة لعباد الرحمن ، أو خبره و «أولئك» مبتدأ إشارة إلى
عباد الرحمن ، ويجزون إلخ خبره ، في مجمع البيان وغيره هذه الإضافة للتخصيص
والتشريف يريد أفاضل عباد الله كما يقال ابني الّذي يطيعني