ذلك في المسائل الفروعيّة اجتهادا وتقليدا بالعقل من لزوم الحرج والضرر
المنفيّين بالعقل والنقل ، والتكليف بما لا يطاق وببعض الآيات والأخبار ، بل
بالإجماع ، إذ قد انقرض القائل بمنع التقليد وإيجاب الاجتهاد عينا إلّا أن يقال
الاجتهاد علميّ فإنّ دليل العمل به قطعيّ ، ولكن في القول بمثله في التقليد أيضا
تأمّل فتأمّل فيهما.
ويمكن أن يقال
: المراد بالظنّ ظنّهم المتقدّم ، فيكون الألف واللّام عوضا عن المضاف إليه فتدبّر
، أو يقال : إنّ الظنّ لا يغني من العلم شيئا يعني إذا كان المطلوب علما لا يقوم
الظنّ مقامه ، وهو ظاهر فتأمّل.
وقوله تعالى (إِنَّهُ لا يُحِبُّ الْمُسْتَكْبِرِينَ)[١] كأنّ المعنى يبغضهم ، يدلّ على تحريم الاستكبار
والتكبّر وما يدلّ عليه كثير مثل (فَبِئْسَ مَثْوَى
الْمُتَكَبِّرِينَ)[٢] أي بئس مأوى ومنزل من تكبّر في الدنيا على الناس يوم
القيمة.
(ادْعُ إِلى سَبِيلِ
رَبِّكَ)[٣] أي ادع يا محمّد الناس إلى الإسلام (بِالْحِكْمَةِ) بالمقالة المحكمة الصحيحة وهي البرهان الموضح للحقّ ،
والمزيل للشبهة ، وقال في مجمع البيان : إلى دين الله ومرضاته. أو بالقرآن ، وقيل
بالمعرفة بمراتب الأفعال والأحوال (وَالْمَوْعِظَةِ
الْحَسَنَةِ) هو الصرف عن القبيح على وجه الترغيب في تركه والترهيب
في فعله ، وفي ذلك تليين القلب بما يوجب الخشوع (وَجادِلْهُمْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي ناظرهم بالقرآن وبأحسن ما عندك من الحجج ، وتقديره
بالكلمة الّتي هي أحسن والموعظة الحسنة أي ادعهم إليه بالمقدّمة الظنّية الّتي
تفيد وتعرف أنّها تنفعهم.
وفي الكشاف :
يجوز أن يراد بها القرآن أي ادعهم بالكتاب الّذي هو حكمة وموعظة حسنة ، ويحتمل
إرادة مطلق الدليل الإقناعيّ كما مرّ وأن يراد منها خرق العادات والمعجزات ، فيكون
الأوّل مقدّمات عقليّة والثاني محسوسة (وَجادِلْهُمْ
بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ) أي ادعهم بالقياس الجدلي الّذي هو إيراد مقدّمات مسلّمة
للخصم