أو يكون النهي عنها للمبالغة عن النهي عن ذي القلائد من الهدي ، ونظيره (وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَ)[١].
(وَلَا آمِّينَ
الْبَيْتَ الْحَرامَ) ولا يحلّ التعرّض لقاصدي البيت والحال أنّهم (يَبْتَغُونَ فَضْلاً مِنْ رَبِّهِمْ
وَرِضْواناً) يطلبون من الله الثواب والفضل ورضاه عنهم في الآخرة ،
ويحتمل أن يكون المراد بالفضل الرزق بالتّجارة في الدنيا ، وبالرّضوان رضاه في
الآخرة ، أو كلاهما في الدنيا ، وعلى الأوّلين فائدة الحال الإشارة إلى علّة المنع
، والمبالغة فيه ، فمع عدمها يحتمل جواز التعرّض لهم فتأمّل فيه ، وعلى الثالث
كونها تلك غير ظاهر.
ويحتمل أن يكون
للإشارة إلى أنّه وإن كان قصدهم مجرّد الدّنيا لا الآخرة لا يحلّ التعرض لهم حرمة
للبيت ، فكيف إذا كان مقصودهم الآخرة فهو أبلغ. ويؤيّده أنّه قيل : نزلت في
المشركين وحجّاج اليمامة الّذين يحجّون مع المسلمين لمّا همّ المسلمون أن يتعرّضوا
لهم بسبب أنّه كان فيهم الحطم شريح ابن ضبيعة وكان قد استاق سرح المدينة ، وكان
قصدهم مجرّد الدّنيا.
هكذا فهم من
تفسير القاضي والكشّاف ، ولكن قالا : «فالآية منسوخة بقوله (فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ
وَجَدْتُمُوهُمْ وَخُذُوهُمْ وَاحْصُرُوهُمْ)[٢]»
أي احبسوهم
وحيلوا بينهم وبين المسجد الحرام ، ممّا يدلّ على منع الكفّار عن دخول المسجد
الحرام ، مثل (ما كانَ
لِلْمُشْرِكِينَ أَنْ يَعْمُرُوا مَساجِدَ اللهِ)[٣] و (إِنَّمَا
الْمُشْرِكُونَ نَجَسٌ فَلا يَقْرَبُوا الْمَسْجِدَ)[٤] الآية.
وفيه أنّه
يحتمل أن يكون المراد عدم التعرّض من جهة أنّ قصدهم بيت الله الحرام إلى أن يصلوا
البيت ، والحرم : الموضع الّذي لا يجوز دخول الكفّار فيه فيكون نحو «اقتلوا»
مخصّصة لا ناسخة ، أو يكون المراد المسلمين فتكون هذه الآية مخصوصة لا منسوخة ،
ويؤيّده ما هو المشهور بين العامّة والخاصّة من