(يَحْكُمُ بِهِ) على كونها في المقدار والقيمة ، ولأنّه يلزم التخيير
بين الأمرين الأخيرين فقط على تقدير عدم بلوغ قيمة ما قتل قيمة هدي كما هو مذهبه ،
فيلزم إسقاط قوله (فَجَزاءٌ) حينئذ وهو ظاهر.
ولهذا ذهب إليه
أكثر الفقهاء ، ويؤيّده (هَدْياً) إذ غالب إطلاقه على الحيوان و (أَوْ كَفَّارَةٌ طَعامُ مَساكِينَ أَوْ
عَدْلُ ذلِكَ صِياماً) فإنّه كالصريح في أنّ اعتبار الأوّل هو نفس الجزاء
والمثل في الخلقة ، لأنّهما قيمة ، ولأنّها صريحة في التخيير مطلقا ، وليس على
مذهبه كذلك إذ قد لا يوجد نعم يكون قيمته قيمة الصيد المقتول بل الوجود نادر ، وفيه
تنبيه على اعتبار العدالة في الشهود والراوي وأنّه لا بدّ من أن يكونا من المسلمين
، ولا يكفي العدل في مذهبه ، فافهم ، ولفظ الحكم يدلّ على أنّ المراد الحاكم ،
ولكن اعتبار التعدّد يأباه ، والظاهر أنّه يكفي الشهود بدون الحاكم ، وإطلاق الحكم
على الشهادة غير بعيد ، ففيه تنبيه على عدم اعتبار حكم الحاكم مع الشهادة ، بل
يكفي مجرّد الشهادة ، فاعتباره في مواضع مع الشهود يحتاج إلى دليل ، كاعتبار
اليمين معها في مثل الدعوى على الميّت فافهم (هَدْياً) حال من جزاء أو ضمير به «و (بالِغَ الْكَعْبَةِ») صفة هديا لأنّ إضافته لفظيّة ، ومعنى بلوغه ذبحه بمكّة
بالحزورة بفناء الكعبة للرواية إن كان في كفّارة العمرة ، ويشعر به آية العمرة ،
وبمنى إن كان في كفّارة الحجّ للرواية بل للإجماع والظاهر أنّ مجرّد الذّبح لا
يكفي بل لا بدّ من التصدّق به لأنّه عوض ما قتل ، فلا يحصل العوض بمجرّد القتل
والذّبح ، ولأنّ المتبادر ذلك ، ولوجوب الإطعام ، وللخبر وكأنّه لا خلاف عندنا
وعند الأكثر ، وعند أبي حنيفة يكفي مجرّد الذبح أخذا بظاهر الآية المتيقّن مع
البراءة الأصليّة.
(أَوْ كَفَّارَةٌ
طَعامُ مَساكِينَ) عطف على «جزاء» على تقدير الإضافة البيانيّة وعدمها ،
وكون طعام بدلها أو خبر مبتدأ محذوف ، وبيّن ذلك بأن يقوّم الجزاء الّذي هو المثل
، ويفضّ ثمنها على الأوسط ممّا يطعمون وهو البرّ مثلا ، ويعطى لكلّ مسكين مدّ ،
ولو نقص من ستّين لا يكمل ، ولو زاد لا يعطي ، هكذا قاله