لا يستطيعون بيان لجملة أحصروا أو صلة اخرى للّذين أو حال ، وكذا (يَحْسَبُهُمُ) و (تَعْرِفُهُمْ) بعلاماتهم من الضعف وصفرة الوجه كأنّ الخطاب لرسول الله
صلىاللهعليهوآله أو لكلّ من يتأمّل في شأنهم «و (لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً») أي إلحاحا إمّا مصدر فانّ الالحاف سؤال خاصّ أي السّؤال
بحيث يلازم المسئول حتّى يعطيه ولا يفارقه إلّا بإعطاء ، أو حال بمعنى ملحفين ،
والمعنى لا يسألون الناس وإن سألوا لضرورة فلا يسألون سؤال ملحف وملحّ ، وقيل :
المراد نفي السؤال والالحاف جميعا ، ونقل من كلام العرب مثله [١] وهذا هو المناسب لو فهم ، والمراد ليسوا كغيرهم يسألون
الناس إلحافا لا أنّهم يسألون ولا يلحفون ، وبالجملة ذكر الالحاف ليس للاعراض [٢] بل هو للوقوع ، ووقوعه من غيرهم وكثرة قبحه ، وفي
الحديث : إنّ الله يحبّ الحييّ الحليم المتعفّف ويبغض البذيّ السائل الملحف [٣].
وما تنفقوا من
مال ، لهم ولغيرهم ، سرّا وعلانية في سبيل الله ، فإنّه يعلمه ويجازي عليه على قدر
الاستحقاق والمشقّة ، وحسن المال وحسن الإنفاق ، والمنفق عليه ، والمكان والزمان ،
وحذفت النون لتضمّن «ما» معنى الشرط ، ولهذا دخل الفاء في الخبر ، قيل الفقراء هم
أصحاب الصفّة وهم نحو من أربع مائة رجل من مهاجري قريش لم يكن لهم مساكن في
المدينة ولا عشائر ، وكانوا في صفّة المسجد يتعلّمون القرآن بالليل ويلتقطون النوى
بالنّهار وكانوا يخرجون مع كلّ سريّة بعثها رسول الله صلىاللهعليهوآله فمن كان عنده فضل أتاهم به إذا أمسى [٤] وعن ابن عبّاس وقف رسول الله صلىاللهعليهوآله يوما على أصحاب الصفّة فرأى فقرهم وجهدهم وطيب قلوبهم
فقال أبشروا يا أصحاب الصفّة فمن بقي من أمّتي على النعت الّذي أنتم عليه راضيا
بما فيه ، فإنّهم من رفقائي [٥].