أنّ إبداءها نعم شيء لا قبح فيه ، بل فيه ثواب وحسن ، وإن تخفوا الصدقات
وتؤتوها الفقراء خفية ، فذلك الإنفاق خير لكم من إظهاره ، والله يسقط بسبب الإنفاق
مطلقا أو الإنفاق المخفيّ بعض الذنوب عنكم ، فمن تبعيضيّة ، قيل : تلك الذنوب
صغائر وقيل : أعمّ فإنّ العبادات اللّاحقة تسقط الذنوب المتقدّمة وجوبا ، وهو مذهب
الإحباط والتكفير وعلى مذهب الأصحاب من بطلان الإحباط والتكفير عندهم على ما هو
المشهور [١] بل ادّعي عليه الإجماع يكون ذلك الاسقاط تفضّلا من الله
تعالى بعد ذلك الإنفاق فما يصير واجبا إلّا بوعده وقوله ، لا قبله بسبب الإنفاق ،
وكذا جميع ما ورد مثله في الإحباط والتكفير من الآيات والروايات ، أو يقال :
المجمع على بطلانهما هو إحباط المتأخّر ـ ولو كان قليلا ـ جميع ما تقدّم من الطاعة
والمعصية ، لا إسقاط ما يساويه ، الله يعلم.
قال الفخر
الرازي : القول بالإحباط باطل ، لأنّ من أتى بالايمان والعمل الصالح استحقّ الثواب
الدائم ، فإذا كفر بعده استحقّ العقاب الدائم ، ولا يجوز وجودهما جميعا ، ولا
اندفاع أحدهما بالآخر ، إذ ليس زوال الباقي بطريان الطاري أولى من اندفاع الطاري
لقيام الباقي ، والمخلص أن لا يجب عقلا ثواب المطيع ولا عقاب العاصي.
وفيه نظر :
أوّلا أنّه لا دخل لقوله «ولا يجوز» إلخ في بطلان الإحباط ، بل مؤيّد له ، وثانيا
عدم ذكر بطلان ارتفاعهما وثالثا النقض بإيجاد المعدوم ، وبالعكس وبطريان الضدّ كما
قيل ، ورابعا الحلّ بأنّه لا يجوز رجحان علّة الثاني والطاري على الباقي الأوّل ،
وخامسا لا شكّ في إحباط الكفر بالايمان ، وبالعكس ، وهو صريح القرآن والأخبار ،
ونقل عليه الإجماع ، بل يوجد الإحباط مطلقا فيهما وسادسا أنّ هذا بالحقيقة بطلان
استحقاق الثواب والعقاب ، لا الإحباط فتأمّل ، وسابعا أنّ المخلص ليس بمخلص ،
فإنّه ليس بإبطال الإحباط ، لأنّه إنّما هو على