إليها ، لكنّ الظاهر عدم وجوبهما بالإجماع إلّا في الصلاة للمأموم ، فيجب
عليه استماع قراءة إمامه ، والإنصات إليها ، ويكون المراد وجوب ترك قراءة المأموم
في الجملة أي في الجهريّة ، وما يسمع ولو همهمة في الإخفاتيّة ، وبها استدلّ عليه
بعض الأصحاب ، والحنفيّة وذلك لا يخلو عن بعد ، من جهة إطلاق عامّ كثير الأفراد
وإرادة فرد خاصّ قليل ، وأيضا من جهة إيجاب الإنصات والاستماع ظاهرا بل صريحا
وإرادة عدم وجوبهما بل وجوب أمر آخر ، وهو ترك القراءة ، لاستلزامهما ذلك على أنّ
في الاستلزام تأمّلا ، إذ يمكن القراءة مع الاستماع والإنصات إلّا أن يريد به
السكوت ، فيمكن حملها على عموم رجحان الاستماع والإنصات ، بترك الكلام والتوجّه
إلى سماعة ، وفهم معناه والتدبّر فيه ، ويكون التفصيل بالوجوب في بعض أوقات الصلاة
، وبالاستحباب في الباقي معلوما من غيرها ، وعلى استحبابهما للإجماع على عدم
وجوبهما إلّا ما أخرجه الدليل ، ويعلم وجوب ترك قراءة المأموم في موضعه بدليل آخر
، وهو الأخبار كما تبيّن في محلّه وهي مختلفة ، والجمع بينهما لا يخلو عن تكلّف ،
ولهذا اختلف الأصحاب في الحكم وتمام تحقيقه في محلّه فتأمّل.
قوله (وَاذْكُرْ رَبَّكَ فِي نَفْسِكَ
تَضَرُّعاً وَخِيفَةً) الآية تدلّ على وجوب الإخفات في القراءة والدعاء والذكر
مطلقا ، والظاهر عدم القائل به ، ويمكن حمله على موضع وجوب ذلك مثل القراءة في
الإخفاتيّة وأريد بالذكر في النفس عدم الجهر العرفيّ الفقهيّ مع إسماع النفس ،
وذلك لا يخلو عن بعد ، لما مرّ من بعد حمل لفظ عامّ على فرد قليل منه ، بأن يخصّص
بالقراءة في بعض الصلاة ، مع جعل المراد بالذكر في النفس الإخفات المصطلح عليه في
الفقه ، ويمكن حمله على الحثّ والترغيب على إخفاء الذكر والدعاء والقراءة مطلقا
بحيث لا يسمع أو بمعنى عدم اطّلاع الغير عليه ، ليبعد عن الرياء ، وعدم الجهر
العالي الممنوع منه شرعا ، ويؤيّده (وَدُونَ الْجَهْرِ
مِنَ الْقَوْلِ) أي الجهر العالي ، قال القاضي : أي متكلّما من الكلام
فوق السرّ ودون الجهر ، فإنّه أدخل في الخشوع والإخلاص ، وذلك قد يكون