هو مؤمن، فقد ثقل على هذا و حرج منه صدري حين أزعم، ان هذا
العبد يصلى صلاتي و يدعو دعائي و يناكحني و أناكحه و يوارثني و أوارثه، و قد خرج
من الايمان من أجل ذنب يسير أصابه؟ فقال أمير المؤمنين عليه السلام: صدقت، سمعت
رسول الله صلى الله عليه و آله يقول: و الدليل عليه كتاب الله: خلق الله عز و جل
الناس على ثلاث طبقات و أنزلهم ثلاث منازل، فذلك قول الله عز و جل في الكتاب؛ «فَأَصْحابُ
الْمَيْمَنَةِ ما أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ وَ أَصْحابُ الْمَشْئَمَةِ ما أَصْحابُ
الْمَشْئَمَةِ وَ السَّابِقُونَ السَّابِقُونَ»فاما ما ذكر من أمر
السابقين فإنهم أنبياء مرسلون و غير مرسلين، جعل الله فيهم خمسة أرواح: روح القدس
و روح الايمان و روح القوة و روح الشهوة و روح البدن، فبروح القدس بعثوا أنبياء
مرسلين و غير مرسلين، و بها علموا الأشياء و بروح الايمان عبدوا الله و لم يشركوا
به شيئا و بروح القوة جاهدوا عدوهم و عالجوا معاشهم، و بروح الشهوة أصابوا لذيذ
الطعام و نكحوا الحلال من شباب النساء، و بروح البدن دبوا و درجوا[1] فهؤلاء
مغفور لهم، مصفوح عن ذنوبهم، ثم قال: قال الله عز و جل: «تِلْكَ الرُّسُلُ
فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى بَعْضٍ مِنْهُمْ مَنْ كَلَّمَ اللَّهُ وَ رَفَعَ
بَعْضَهُمْ دَرَجاتٍ وَ آتَيْنا عِيسَى ابْنَ مَرْيَمَ الْبَيِّناتِ وَ
أَيَّدْناهُ بِرُوحِ الْقُدُسِ» ثم قال في جماعتهم: «و أيدناه بروح منه» يقول:
أكرمهم بها ففضلهم على من سواهم، فهؤلاء مغفور لهم مصفوح عن ذنوبهم، ثم ذكر أصحاب
الميمنة و هم المؤمنون حقا بأعيانهم، جعل الله فيهم اربعة أرواح روح الايمان و روح
القوة، و روح الشهوة و روح البدن، فلا يزال العبد يستكمل هذه الأرواح الاربعة حتى
يأتى عليه حالات فقال الرجل: يا أمير المؤمنين ما هذه الحالات؟ فقال:
أما أولهن فهو كما قال
الله عز و جل: «وَ مِنْكُمْ مَنْ يُرَدُّ إِلى أَرْذَلِ الْعُمُرِ
لِكَيْلا يَعْلَمَ مِنْ بَعْدِ عِلْمٍ شَيْئاً» فهذا ينتقض منه جميع
الأرواح، و ليس بالذي يخرج من دين الله لان الفاعل به رده الى أرذل عمره، فهو لا
يعرف للصلوة وقتا، و لا يستطيع التهجد بالليل و لا بالنهار، و لا القيام في الصف
مع الناس، فهذا نقصان روح الايمان و ليس يضره شيئا، و فيهم من ينتقض منه روح
القوة، فلا يستطيع جهاد عدوه، و لا يستطيع طلب المعيشة، و منهم من ينتقض منه روح
الشهوة، فلو مرت به أصبح
[1] دب: مشى مشيا صعيفا و يقال للصبي إذا دب و أخذ
في الحركة: درج.