اى ترجع «فان فاءت» اى رجعت «فَأَصْلِحُوا
بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» يعنى بقوله:
تفيء ترجع، فذلك الدليل على ان الفيء كل راجع الى مكان قد كان عليه أو فيه، و
يقال للشمس إذا زالت قد فاءت الشمس حين يفيء الفيء عند رجوع الشمس الى زوالها، و
كذلك ما أفاء الله على المؤمنين من الكفار، فانما هي حقوق المؤمنين رجعت إليهم بعد
ظلم الكفار إياهم فذلك قوله: «أُذِنَ لِلَّذِينَ يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ
ظُلِمُوا» ما كان المؤمنون أحق به منهم.
و انما اذن للمؤمنين
الذين قاموا بشرايط الايمان التي وصفناها، و ذلك انه لا يكون مأذونا له في القتال
حتى يكون مظلوما، و لا يكون مظلوما حتى يكون مؤمنا، و لا يكون مؤمنا حتى يكون
قائما بشرائط الايمان التي اشترط الله تعالى على المؤمنين و المجاهدين، فاذا
تكاملت فيه شرائط الله تعالى كان مؤمنا، و إذا كان مؤمنا كان مظلوما، و إذا كان
مظلوما كان مأذونا له في الجهاد، لقوله عز و جل:
«أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا وَ إِنَّ اللَّهَ عَلى نَصْرِهِمْ لَقَدِيرٌ» و ان لم يكن
مستكملا لشرائط الايمان فهو ظالم ممن يبغى و يجب جهاده حتى يتوب، و ليس مأذونا له
في الجهاد و الدعاء الى الله عز و جل، لأنه ليس من المؤمنين المظلومين الذين اذن
لهم في القرآن في القتال، فلما نزلت هذه الاية «أُذِنَ لِلَّذِينَ
يُقاتَلُونَ بِأَنَّهُمْ ظُلِمُوا» في المهاجرين الذين أخرجهم أهل مكة من ديارهم
و أموالهم أحل لهم جهادهم بظلمهم إياهم و اذن لهم في القتال.
فقلت: فهذه نزلت في
المهاجرين بظلم مشركي أهل مكة لهم فما بالهم في قتال كسرى و قيصر و من دونهم من
مشركي قبائل العرب؟ فقال: لو كان انما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة فقط لم
يكن لهم الى قتال جموع كسرى و قيصر و غير أهل مكة من قبائل العرب سبيل، لان الذين
ظلموهم غيرهم و انما اذن لهم في قتال من ظلمهم من أهل مكة لإخراجهم إياهم من
ديارهم و أموالهم بغير حق، و لو كانت الاية انما عنت المهاجرين الذين ظلمهم أهل
مكة كانت الاية مرتفعة الفرض عمن بعدهم، إذ لم يبق من