مجلسه بعث إليها يشاورها في أمر صاحب الأرض، فخرجت اليه فرأت
في وجهه الغضب فقالت: ايها الملك ما الذي دهاك[1] حتى بدا الغضب في وجهك
قبل فعلك؟ فأخبرها بخبر الأرض و ما كان من قوله لصاحبها و من قول صاحبها له،
فقالت: ايها الملك انما يغتم و يهتم و يأسف من لا يقدر على التغيير و الانتقام،
فان كنت تكره ان تقتله بغير حجة فانا أكفيك امره و أصير أرضه إليك بحجة، لك فيها
العذر عند أهل مملكتك، قال: و ما هي؟ قالت: أبعث اليه أقواما من أصحابى أزارقة حتى
يأتوك به، فيشهدون عليه عندك انه قد برأ من دينك، فيجوز لك قتله و أخذ أرضه. قال:
فافعلي.
قال: و كان لها أصحاب
من الازارقة على دينها يرون قتل الرافضة من المؤمنين، فبعثت الى قوم من الازارقة
فأتوها فأمرتهم أن يشهدوا على فلان الرافضي عند الملك انه قد برأ من دين الملك
فشهدوا عليه انه قد برىء من دين الملك فقتله و استخلص أرضه، فغضب الله تعالى
للمؤمن عند ذلك، فأوحى الى إدريس: أن ائت عبدي هذا الجبار فقل له: أما رضيت أن
قتلت عبدي المؤمن ظلما حتى استخلصت أرضه خالصة لك، فاحوجت عياله من بعده و أجعتهم؟
أما و عزتي لأنتقمن له منك في الآجل، و لأسلبنك ملكك في العاجل، و لأخربن مدينتك و
لأذلن عزك، و لأطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقد غرك يا مبتلى حلمي عنك؟ فأتاه إدريس
عليه السلام برسالة ربه و هو في مجلسه و حوله أصحابه، فقال: أيها الجبار انى رسول
الله إليك و هو يقول لك:
أما رضيت ان قتلت عبدي
المؤمن حتى استخلصت أرضه خالصة لك، و أحوجت عياله من بعده و أجعتهم؟ أما و عزتي
لأنتقمن له منك في الآجل، و لأسلبنك ملكك في العاجل و لأخربن مدينتك و لأذلن عزك و
لأطعمن الكلاب لحم امرأتك، فقال الجبار: اخرج
[1] دهى فلانا: أصابه بداهية و الداهية: الأمر
العظيم.