- ليغفر لهم فأنزل الله: «سَواءٌ عَلَيْهِمْ
أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ
لَهُمْ» و قال: «لا تُصَلِّ عَلى أَحَدٍ مِنْهُمْ ماتَ أَبَداً وَ لا
تَقُمْ عَلى قَبْرِهِ» فلم يستغفر لهم بعد ذلك، و لم يقم على قبر واحد منهم[1].
258- في مجمع البيان: «إِنْ
تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» الوجه في تعليق
الاستثناء بسبعين مرة المبالغة لا العدد المخصوص، و يجرى ذلك مجرى قول القائل:
لو قلت لي الف مرة ما
قبلت، و المراد انى لا اقبل منك فكذا الآية المراد فيها نفي الغفران جملة، و
ما روى عن النبي صلى
الله عليه و آله انه قال: و الله لأزيدن على السبعين
فانه خبر واحد، لا يعول عليه،
و لأنه يتضمن ان النبي صلى الله عليه و آله يستغفر للكفار و ذلك غير جايز
بالإجماع، و قد روى انه قال: لو علمت انه لو زدت على السبعين مرة غفر لهم لفعلت.
259- في تفسير على
بن إبراهيم قوله: «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ
لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ
لَهُمْ» قال على بن إبراهيم: انها نزلت لما رجع رسول الله صلى الله عليه و آله
الى المدينة و مرض عبد الله بن ابى[2] و كان
ابنه عبد الله بن عبد الله مؤمنا، فجاء الى النبي صلى الله عليه و آله و أبوه يجود
بنفسه، فقال: يا رسول الله بأبى أنت و أمي انك ان لم تأت ابى كان ذلك عارا علينا،
فدخل اليه رسول الله صلى الله عليه و آله و المنافقون عنده، فقال ابنه عبد الله بن
عبد الله: يا رسول الله استغفر له، فاستغفر له فقال عمر:
ألم ينهك الله يا رسول
الله ان تصلى عليهم أو تستغفر لهم؟ فأعرض عنه رسول الله صلى الله عليه و آله فأعاد
عليه، فقال له: ويلك انى خيرت فاخترت، ان الله يقول: «اسْتَغْفِرْ لَهُمْ
أَوْ لا تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ إِنْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ سَبْعِينَ مَرَّةً فَلَنْ
يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ» فلما مات عبد الله جاء ابنه
[1] في معنى هذا الحديث أقوال ذكرناها في ذيل
العياشي راجع ج 2: 101 ان شئت.
[2] عبد اللّه أبى بن أبى سلول هو رئيس منافقي
المدينة، و هو الذي قال:« لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ» و نزلت
سورة المنافقين في ذلك، و هو الذي قال لرسول اللّه صلى اللّه عليه و آله حين ورد
المدينة: يا هذا اذهب الى الذين غروك و خدعوك و لا تغشنا في دارنا فسلط اللّه على
دورهم الذر فخرب ديارهم و قصة كيده لقتل رسول اللّه( ص) ورده عليه مشهورة.