حتى يتفرق دمه في قريش كلها فلا تستطيع بنو هاشم أن يطلبوا
بدمه و قد شاركوا فيه، فان سألوكم أن تعطوا الدية فأعطوهم ثلث ديات، قالوا: نعم و عشر
ديات، ثم قالوا: الرأى رأى الشيخ النجدي فاجتمعوا و دخل معهم في ذلك ابو لهب عم
النبي صلى الله عليه و آله.
و نزل جبرئيل على رسول
الله صلى الله عليه و آله و أخبره ان قريشا قد اجتمعت في دار الندوة يدبرون عليك،
و انزل الله في ذلك: «وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا لِيُثْبِتُوكَ
أَوْ يَقْتُلُوكَ أَوْ يُخْرِجُوكَ وَ يَمْكُرُونَ وَ يَمْكُرُ اللَّهُ وَ اللَّهُ
خَيْرُ الْماكِرِينَ» و اجتمعت قريش ان يدخلوا عليه ليلا فيقتلوه و خرجوا الى
المسجد يصفرون و يصفقون و يطوفون بالبيت فانزل الله:
و ما كان صلوتهم عند البيت
إلا مكاء و تصدية فالمكاء التصفير، و التصدية صفق اليدين و هذه الآية معطوفة على
قوله: «وَ إِذْ يَمْكُرُ بِكَ الَّذِينَ كَفَرُوا» و قد كتبت بعد آيات
كثيرة، فلما أمسى رسول الله صلى الله عليه و آله جاءت قريش ليدخلوا عليه فقال ابو
لهب:
لا أدعكم ان تدخلوا عليه
بالليل فان في الدار صبيانا و نساء و لا نأمن ان يقع بهم يد خاطئة فنحرسه الليلة،
فاذا أصبحنا دخلنا عليه، فناموا حول حجرة رسول الله صلى الله عليه و آله و امر
رسول الله ان يفرش له، ففرش له فقال لعلى بن ابى طالب صلوات الله عليه: افدنى
بنفسك، قال: نعم يا رسول الله قال: نم على فراشي و التحف ببردتي، فنام على فراش
رسول الله صلى الله عليه و آله و التحلف ببردته.
و جاء جبرئيل عليه
السلام فأخذ بيد رسول الله صلى الله عليه و آله فأخرجه على قريش و هم نيام و هو
يقرء عليهم: «وَ جَعَلْنا مِنْ بَيْنِ أَيْدِيهِمْ سَدًّا وَ مِنْ
خَلْفِهِمْ سَدًّا فَأَغْشَيْناهُمْ فَهُمْ لا يُبْصِرُونَ» و قال له جبرئيل عليه
السلام: خذ على طريق ثور و هو جبل على طريق منى له سنام كسنام الثور، فدخل الغار و
كان من امره ما كان، فلما أصبحت قريش وثبوا الى الحجرة و قصدوا الفراش فوثب على في
وجوههم فقال: ما شأنكم؟ قالوا له: أين محمد؟
قال: جعلتموني عليه
رقيبا؟ أ لستم قلتم نخرجه من بلادنا؟ فقد خرج عنكم فاقبلوا على أبى لهب يضربونه و
يقولون: أنت تخدعنا منذ الليلة، فتفرقوا في الجبال و كان فيهم رجل من خزاعة يقال
له أبو كرز يقفو الآثار فقالوا له: يا با كرز اليوم اليوم فوقف بهم على باب حجرة
رسول الله صلى الله عليه و آله فقال: هذا قدم محمد و