قالوا: تسعة الى عشرة، فقال صلى الله عليه و آله القوم تسعمأة
الى ألف، قال: فمن فيهم من بنى هاشم؟ قالوا: العباس بن عبد المطلب و نوفل بن
الحارث و عقيل بن أبى طالب فأمر رسول الله صلى الله عليه و آله بهم فحبسوا، فبلغ
قريشا ذالك و خافوا خوفا شديدا.
و لقى عتبة بن ربيعة
أبا البختري بن هشام فقال له: اما ترى هذا البغي و الله ما أبصر موضع قدمي، خرجنا
لنمنع عيرنا و قد أفلتت فجئنا بغيا و عدوانا و الله ما أفلح قوم قط بغوا، و لوددت
ان ما في العير من اموال بنى عبد مناف ذهب كله و لم نسر هذا المسير، فقال له أبو
البختري: انك سيد من سادات القريش و تحمل العير التي أصابها محمد صلى الله عليه و
آله و أصحابه بنخلة و دم ابن الحضرمي[1]
فانه حليفك فقال عتبة: أنت على بذلك[2] و ما على
أحد منا خلاف ذلك الا ابن الحنظلية يعنى أبا جهل فسر اليه انى قد تحملت العير التي
قد أصابها محمد و دم ابن الحضرمي فقال ابو البختري: فقصدت خباه[3] و إذا هو قد أخرج درعا
له، فقلت له: ان أبا الوليد بعثني إليك برسالة فغضب، ثم قال: اما وجد عتبة رسولا
غيرك؟ فقلت: اما و الله لو غيره أرسلنى ما جئت و لكن أبا الوليد سيد العشيرة فغضب
غضبة اخرى فقال: تقول: سيد العشيرة؟
فقلت: أنا أقوله و
قريش كلها تقول، انه قد تحمل العير و دم ابن الحضرمي؟ فقال:
ابن عتبة أطول الناس
لسانا و أبلغهم في الكلام و يتعصب لمحمد فانه من بنى عبد مناف
[1] هذا اشارة الى قصة عبد اللّه بن جحش و سريته
التي سار فيها الى نخلة و قتل فيها عمرو بن الحضرمي- و كان حليف عتبة بن ربيعة و
كان اخوه عامر بن الحضرمي في المشركين في وقعة بدر- و قتال عبد اللّه مع المشركين
في تلك السرية حتى غلبهم و أسر منهم عثمان بن عبد اللّه و الحكم بن كيسان و هزم
الباقي، فأقبل عبد اللّه بن جحش و أصحابه بالعير و بالاسيرين الى رسول اللّه صلى
اللّه عليه و آله و كان ذلك في رجب فأنكر النبي صلى اللّه على و آله و الناس ذلك
منهم و قال: ما أمرتكم بقتال في الشهر الحرام« فنزل يَسْئَلُونَكَ عَنِ الشَّهْرِ
الْحَرامِ ... اه» الى آخر ما ذكره المؤرخون فراجع النهاية و الطبري و
السيرة لابن هشام و غيرها.