نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 8 صفحه : 108
أنبأتك بأبواب الخير. قال، قلت: أجل يا رسول الله. قال: الصوم جنة، والصدقة تكفر الخطيئة، وقيام الرجل في جوف الليل يبتغي وجه الله. ثم قرأ هذه الآية (تتجافى جنوبهم عن المضاجع). وبالإسناد عن بلال قال: قال رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم: (عليكم بقيام الليل، فإنه دأب الصالحين قبلكم، وإن قيام الليل قربة إلى الله، ومنهاة عن الإثم، وتكفير للسيئات، ومطردة الداء عن الجسد). وقيل: هم الذين لا ينامون حتى يصلوا العشاء الآخرة. قال أنس: نزلت فينا معاشر الأنصار، كنا نصلي المغرب، فلا نرجع إلى رحلنا حتى نصلي العشاء الآخرة مع النبي صلى الله عليه وآله وسلم. وقيل: هم الذين يصلون ما بين المغرب والعشاء الآخرة، وهي صلاة الأوابين، عن قتادة. وقيل: هم الذين يصلون العشاء والفجر في جماعة. (يدعون ربهم خوفا) من عذاب الله (وطمعا) في رحمة الله (ومما رزقناهم ينفقون) في طاعة الله، وسبيل ثوابه. ووجه المدح في هذه الآية: أن هؤلاء المؤمنين يقطعهم اشتغالهم بالصلاة والدعاء، عن طيب المضجع، لانقطاعهم إلى الله تعالى، فآمالهم مصروفة إليه، واتكالهم في كل الأمور عليه. ثم ذكر سبحانه جزاءهم فقال: (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين) أي: لا يعلم أحد ما خبئ لهؤلاء الذين ذكروا مما تقر به أعينهم. قال ابن عباس: هذا ما لا تفسير له، فالأمر أعظم وأجل مما يعرف تفسيره. وقد ورد في الصحيح عن النبي صلى الله عليه وآله وسلم أنه قال: إن الله يقول أعددت لعبادي الصالحين ما لا عين رأت، ولا أذن سمعت، ولا خطر على قلب بشر، بله [1] ما أطلعتكم عليه اقرؤا إن شئتم (فلا تعلم نفس ما أخفي لهم من قرة أعين). رواه البخاري ومسلم جميعا. وقد قيل في فائدة الإخفاء وجوه أحدها: إن الشئ إذا عظم خطره، وجل قدره، لا تستدرك صفاته على كنهه، إلا بشرح طويل، ومع ذلك فيكون إبهامه أبلغ. وثانيها. إن قرة العيون غير متناهية، فلا يمكن إحاطة العلم بتفاصيلها
[1] قال ابن الأثير، في حديث نعيم الجنة: (ولا خطر على قلب بشر بله ما اطلعتم عليه: بله من أسماء الأفعال بمعنى: دع واترك، والمعنى: دع ما اطلعتم عليه من نعيم الجنة، وعرفتموه من لذاتها. وثقل في اللسان عن ابن الأحمر أنه قال: بله بمعنى كيف، ومعناه: كيف ما اطلعتم عليه.
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 8 صفحه : 108