responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 2  صفحه : 63
المعنى: ثم بين سبحانه أن عدولهم عن الإيمان إنما هو لإيثارهم الحياة الدنيا فقال: (زين للذين كفروا الحياة الدنيا) [1] وفيه قولان أحدهما: إن الشيطان زينها لهم بأن قوى دواعيهم، وحسن فعل القبيح والإخلال بالواجب إليهم. فأما الله فلا يجوز أن يكون المزين لهم إياها، لأنه زهد فيها. وقال (واعلم أنها متاع الغرور)، وقال: (قل متاع الدنيا قليل)، عن الحسن، والجبائي والأخر: إن الله زينها لهم بأن خلق فيها الأشياء المحبوبة المعجبة، وبما خلق لهم من الشهوة لها، كما قال:
(زين للناس حب الشهوات من النساء والبنين والقناطير) الآية. وإنما كان كذلك، لأن التكليف لا يتم إلا مع الشهوة، فإن الانسان إنما يكلف بأن يدعى إلى شئ تنفر نفسه عنه، أو يزجر عن شئ تتوق نفسه إليه. وهذا معنى قول النبي " صلى الله عليه وآله وسلم ": " حفت الجنة بالمكاره وحفت النار بالشهوات " وإنما ذكر الفعل وهو مستند إلى الحياة، لأن تأنيث الحياة غير حقيقي، وهو بمعنى العيش والبقاء ونحوهما، ولأنه فصل بين الفعل والفاعل بقوله (للذين كفروا) وإذا قالوا في التأنيث الحقيقي: حضر القاضي اليوم امرأة، وجوزوا التذكير فيه، فهو في التأنيث غير الحقيقي أجوز.
(ويسخرون من الذين آمنوا) ويهزأون من المؤمنين لفقرهم. وقيل: لإيمانهم بالبعث، وجدهم في ذلك. وقيل: لزهدهم في الدنيا. ويمكن حمله على الجميع إذ لا تنافي بين هذه الأقوال. (والذين اتقوا فوقهم يوم القيامة) أي: الذين اجتنبوا الكفر فوق الكفار في الدرجات. وقيل: أراد أن تمتعهم بنعيم الآخرة أكثر من استمتاع هؤلاء في الآخرة بنعيم الدنيا. وقيل: أراد أن حالهم فوق هؤلاء الكفار، لأنهم في عليين، وهؤلاء في سجين. وهذا كقوله: (أصحاب الجنة يومئذ خير مستقرا) ومثله قول حسان يعني رسول الله وأبا جهل: (فشركما لخيركما الفداء).
وقيل: إنه أراد أن حال المؤمنين في الهزء بالكفار والضحك منهم في الآخرة، حال فوق هؤلاء في الدنيا. ويدل على ذلك قوله تعالى: (إن الذين أجرموا كانوا من الذين آمنوا يضحكون) إلى قوله: (فاليوم الذين آمنوا من الكفار يضحكون).
(والله يرزق من يشاء بغير حساب) قيل فيه أقوال أحدها: إن معناه يعطيهم الكثير الواسع الذي لا يدخله الحساب من كثرته وثانيها: إنه لا يرزق الناس في الدنيا


[1] هذا من نقل الآية بالمعنى، وإلا تلفظ الآية هكذا: (وما الحياة الدنيا إلا متاع الغرور) (آل
عمرا ن، 185).


نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 2  صفحه : 63
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست