نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 2 صفحه : 236
قبل إنزال القرآن (هدى للناس) مفعول له أي: دلالة وبيانا. وقيل: يعني به الكتب الثلاثة أي: ليهتدي أهل كل كتاب بكتابه، وأهل كل زمان بما أنزل في زمانه. وقيل: إن (هدى للناس) حال من الكتاب أي: هاديا للناس (وأنزل الفرقان) يعني به القرآن. وإنما كرر ذلك لما اختلفت دلالات صفاته، وإن كانت لموصوف واحد، لأن كل صفة فيها فائدة غير فائدة الأخرى. فإن الفرقان هو الذي يفرق بين الحق والباطل فيما يحتاج إليه من أمور الدين في الحج وغيره من الأحكام، وذلك كله في القرآن. ووصفه بالكتاب يفيد أن من شأنه أن يكتب. وروى عبد الله بن سنان، عن أبي عبد الله " عليه السلام " أنه قال: الفرقان هو كل آية محكمة في الكتاب، وهو الذي يصدق فيه من كان قبله من الأنبياء. وقيل: المراد بالفرقان الأدلة الفاصلة بين الحق والباطل، عن أبي مسلم. وقيل: المراد به الحجة القاطعة لمحمد " صلى الله عليه وآله وسلم " على من حاجه في أمر عيسى. وقيل: المراد به النصر. (إن الذين كفروا بآيات الله) أي: بحججه ودلالاته (لهم عذاب شديد) لما بين حججه الدالة على توحيده، وصدق أنبيائه، عقب ذلك بوعيد من خالف فيه، وجحده، ليتكامل به التكليف. (والله عزيز) أي: قادر لا يتمكن أحد أن يمنعه من عذاب من يريد عذابه، وأصل العزة: الامتناع، ومنه أرض عزازاي: منيعة السلوك لصعوبتها. ومنه يقال من عزيز أي: من غلب سلب، لأن الغالب ممتنع عن الضيم. فالله تعالى عزيز أي: ممتنع من حيث إنه قادر لنفسه لا يعجزه شئ. (ذو انتقام) أي: ذو قدرة على الانتقام من الكفار، لا يتهيأ لأحد منعه. والانتقام: مجازاة المسئ على إساءته (إن الله لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء) لما ذكر سبحانه الوعيد على الإخلال بمعرفته، مع نصب الأدلة على توحيده، وصدق أنبيائه، اقتضى أن يذكر أنه لا يخفى عليه شئ، فيكون في ذلك تحذير من الاغترار بالاستسرار بمعصيته، لأن المجازي لا تخفى عليه خافية. فإن قيل: لم قال (لا يخفى عليه شئ في الأرض ولا في السماء)، ولم يقل: لا يخفى عليه شئ على وجه من الوجوه، فيكون أشد مبالغة؟ قلنا: لأن الغرض أن يعلمنا أنه يعلم ما يستسر به في الأرض أو في السماء، والإفصاح بذكر ذلك أعظم في النفس، وأهول في الصدر، مع الدلالة على أنه عالم بكل شئ. فإن قيل: لم لم يقل إنه عالم بكل شئ في الأرض والسماء؟ قلنا: لأن
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي جلد : 2 صفحه : 236