responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 2  صفحه : 194
(من) الذي هو للجزاء، وهو في موضع الرفع بالابتداء، كما حذف الضمير العائد إلى الموصول في نحو قوله: (أهذا الذي بعث الله رسولا). والأولى أن يكون (من) على هذه القراءة موصولة، لتكون بمعنى الذي، لا بمعنى الجزاء. وأقول وبالله التوفيق: يجوز أن يكون (من) للجزاء ههنا، ويكون في موضع نصب بكونه مفعولا أولا ليؤتي، ولزمه التقديم على الفعل مع كونه مفعولا، لنيابته عن حرف الشرط الذي له صدر الكلام، ومثله من في قول زهير:
رأيت المنايا خبط عشواء، من تصب * تمته، ومن تخطئ يعمر فيهرم [1] ومن قرأ (ومن يؤت): بفتح التاء، فاسم ما لا يسم فاعله هو الضمير المستكن العائد إلى من. ويؤت: مجزوم بمن. والجزاء (فقد أوتي خيرا).
المعنى: ثم وصف تعالى نفسه، فقال: (يؤتي الحكمة) أي: يؤتي الله الحكمة (من يشاء) وذكر في معنى الحكمة وجوه قيل: إنه علم القرآن، ناسخه ومنسوخه، ومحكمه ومتشابهه، ومقدمه ومؤخره، وحلاله وحرامه وأمثاله، عن ابن عباس وابن مسعود. وقيل: هو الإصابة في القول والفعل، عن مجاهد. وقيل: إنه علم الدين عن ابن زيد. وقيل: هو النبوة، عن السدي. وقيل: هو المعرفة بالله تعالى، عن عطاء. وقيل: هو الفهم، عن إبراهيم. وقيل: هو خشية الله، عن الربيع. وقيل: هو القرآن والفقه، عن أبي عبد الله " عليه السلام "، وروي أيضا عن مجاهد. وقيل: هو العلم الذي تعظم منفعته، وتجل فائدته، وهذا جامع للأقوال.
وقيل: هو ما آتاه الله أنبياءه وأممهم، من كتابه وآياته، ودلالاته التي يدلهم بها على معرفتهم به وبدينه، وذلك تفضل منه يؤتيه من يشاء، عن أبي علي الجبائي.
وإنما قيل للعلم حكمة لأنه يمتنع به عن القبيح، لما فيه من الدعاء إلى الحسن، والزجر عن القبيح. ويروى عن النبي " صلى الله عليه وآله وسلم " أنه قال: " إن الله آتاني القرآن، وآتاني من الحكمة مثل القرآن، وما من بيت ليس فيه شئ من الحكمة إلا كان خرابا. ألا فتفقهوا، وتعلموا فلا تموتوا جهالا " (ومن يؤت الحكمة) أي: ومن يؤت ما ذكرناه (فقد أوتي) أي: أعطي (خيرا كثيرا وما يذكر إلا أولوا الألباب) أي: وما يتعظ بآيات الله إلا ذوو العقول. فإن قيل: لم عقد بأولي الألباب التذكر،


[1] المنايا جمع المنية: الموت. العشواء: الناقة التي لا تبصر أمامها يقال: " هو يخبط خبط
عشواء " أي: يتصرف في الأمور على غير بصيرة.


نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 2  صفحه : 194
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست