responsiveMenu
فرمت PDF شناسنامه فهرست
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 1  صفحه : 148
من مكة، ولذلك سميت أم القرى. وروي أن قبر نوح، وهود، وصالح، وشعيب، بين زمزم والركن والمقام. والظاهر أنها الأرض المعروفة وهو الصحيح. وقوله " قالوا " يعني الملائكة لله تعالى (أتجعل فيها) أي: في الأرض (من يفسد فيها) بالكفر والمعاصي، (ويسفك الدماء) بغير حق. وذكر فيه وجوه أحدها: إن خلقا يقال لهم الجان، كانوا في الأرض، فأفسدوا فيها، فبعث الله ملائكة أجلتهم من الأرض، وكان هؤلاء الملائكة سكان الأرض من بعدهم، فقالوا يا ربنا (أتجعل فيها من يفسد فيها) كما فعل بنو الجان. قاسوا بالشاهد على الغائب، وهو قول كثير من المفسرين. وثانيها: إن الملائكة إنما قالت ذلك على سبيل الاستفهام، وعلى وجه الاستخبار والاستعلام عن وجه المصلحة والحكمة، لا على وجه الانكار، ولا على سبيل الإخبار، فكأنهم قالوا: يا الله إن كان هذا كما ظننا فعرفنا ما وجه الحكمة فيه.
وثالثها: إن الله تعالى أخبر الملائكة بأنه سيكون من ذرية هذا الخليفة من يعصي، ويسفك الدماء على ما روي، عن ابن عباس، وابن مسعود. والغرض في إعلامه إياهم أن يزيدهم يقينا على وجه علمه بالغيب، لأنه وجد بعد ذلك على ما أخبرهم به. وقيل: ليعلم آدم أنه خلق للأرض لا للجنة، فقالت الملائكة: أتجعل فيها من يفعل كذا وكذا على وجه التعرف لما في هذا من التدبير والاستفادة لوجه الحكمة فيه. وهذا الوجه يقتضي أن يكون في أول الكلام حذف، ويكون التقدير:
إني جاعل في الأرض خليفة، وإني عالم بأنه سيكون في ذريته من يفسد فيها، ويسفك الدماء، فحذف اختصارا.
وكذلك قوله (أتجعل فيها من يفسد فيها ويسفك الدماء ونحن نسبح بحمدك ونقدس لك) في ضمنه اختصار شديد أي: فنحن على ما نظنه ويظهر لنا من الأمر أولى بالخلافة في الأرض، لأنا نطيع، وغيرنا يعصي وفي قوله (إني أعلم ما لا تعلمون) اختصار أيضا، لأنه يتضمن أني أعلم من مصالح المكلفين ما لا تعلمونه، وما يكون مخالفا لما تظنونه على ظواهر الأمور. ومثل هذه الحذوف العجيبة، والاختصارات البديعة، كثيرة في القرآن. والحذف معدود في أنواع الفصاحة، إذا كان فيما أبقي دليل على ما ألقي. ومما جاء منه في الشعر قول الشنفري:
ولا تقبروني، إن قبري محرم * عليهم، ولكن خامري أم عامر أي: لا تدفنوني، بل دعوني تأكلني التي يقال لها خامري أم عامر، يعني

نام کتاب : مجمع البيان في تفسير القرآن - ط مؤسسة الأعلمي للمطبوعات نویسنده : الشيخ الطبرسي    جلد : 1  صفحه : 148
   ««صفحه‌اول    «صفحه‌قبلی
   جلد :
صفحه‌بعدی»    صفحه‌آخر»»   
   ««اول    «قبلی
   جلد :
بعدی»    آخر»»   
فرمت PDF شناسنامه فهرست