مكان، وإن جعل مصدرا فلا يعمل أيضا فيما قبله. والذين آمنوا وعملوا الصالحات سند خلهم جنت تجرى من تحتها الأنهر خلدين فيها أبدا وعد الله حقا: أي وعده وعدا، وحق ذلك حقا، فالأول مؤكد لنفسه، لأنه مضمون الجملة الاسمية التي قبلها، والثاني مؤكد لغيره. ويجوز أن ينتصب الموصول بفعل يفسره ما بعده. و (وعد الله) بقوله: " سندخلهم " لأنه بمعنى نعدهم ادخالهم، و " حقا " على أنه حال من المصدر. ومن أصدق من الله قليلا: جملة مؤكدة بليغة. والمقصود من الآية، معارضة المواعيد الشيطانية الكاذبة لقرنائه، وعد الله الصادق لأوليائه، أو المبالغة في توكيده ترغيبا للعبادة في تحصيله. ليس بأمانيكم ولا أماني أهل الكتب: في تفسير علي بن إبراهيم: ليس ما تمنون أنتم ولا أهل الكتاب، أي أن لا تعذبون بأفعالكم [1]. قيل: روي أن المسلمين وأهل الكتاب افتخروا، فقال أهل الكتاب: نبينا قبل نبيكم وكتابنا قبل كتابكم ونحن أولى بالله منكم، وقال المسلمون: نحن أولى منكم، نبينا خاتم النبيين، وكتابنا يقضي على الكتب المتقدمة، فنزلت [2]. وقل: الخطاب مع المشركين [3]. ويدل عليه تقدم ذكرهم، أي ليس الامر بأماني المشركين، وهو قولهم: لا جنة ولا نار، وقولهم: إن كان الامر كما يزعم هؤلاء، لنكونن خيرا منهم وأحسن حالا. ولا أماني أهل الكتاب وهو قولهم: " لن يدخل الجنة إلا من كان هودا أو نصارى " [4] وقولهم: " لن تمسنا النار إلا أياما معدودة " [5]. من يعمل سوءا يجز به: عاجلا أو آجلا.
[1] تفسير علي بن إبراهيم: ج 1 ص 153 س 4. [2] نقله البيضاوي: ج 1 ص 245 في تفسيره لآية 123 من سورة النساء. [3] نقله البيضاوي: ج 1 ص 245 في تفسيره لآية 123 من سورة النساء. [4] البقرة: 111. [5] البقرة: 80