قَالَ فَأَنْشَأَتْ فَاطِمَةُ ع وَ هِيَ تَقُولُ
يَا ابْنَ عَمِّ لَمْ يَبْقَ إِلَّا صَاعٌ
قَدْ دَبِرَتِ الْكَفُّ مَعَ الذِّرَاعِ
ابْنَيَّ وَ اللَّهِ هُمَا جِيَاعٌ
يَا رَبِّ لَا تَتْرُكْهُمَا ضَيَاعٌ
أَبُوهُمَا لِلْخَيْرِ صَنَّاعٌ
قَدْ يَصْنَعُ الْخَيْرَ بِابْتِدَاعٍ
عَبْلَ الذِّرَاعَيْنِ شَدِيدَ الْبَاعِ
وَ مَا عَلَى رَأْسِيَ مِنْ قِنَاعٍ
إِلَّا قِنَاعٌ نَسْجُهُ نِسَاعٌ[1]
قَالَ فَأَعْطَوْهُ طَعَامَهُمْ وَ بَاتُوا عَلَى صَوْمِهِمْ [وَ] لَمْ يَذُوقُوا إِلَّا الْمَاءَ فَأَصْبَحُوا وَ قَدْ قَضَى اللَّهُ عَلَيْهِمْ نَذْرَهُمْ وَ إِنَّ عَلِيّاً [ع] أَخَذَ بِيَدِ الْغُلَامَيْنِ وَ هُمَا كَالْفَرْخَيْنِ لَا رِيشَ لَهُمَا يَتَرَجَّجَانِ مِنَ الْجُوعِ فَانْطَلَقَ بِهِمَا إِلَى مَنْزِلِ النَّبِيِّ ص فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهِمَا رَسُولُ اللَّهِ ص اغْرَوْرَقَتْ عَيْنَاهُ بِالدُّمُوعِ وَ أَخَذَ بِيَدِ الْغُلَامَيْنِ فَانْطَلَقَ بِهَا إِلَى مَنْزِلِ فَاطِمَةَ ع فَلَمَّا نَظَرَ إِلَيْهَا رَسُولُ اللَّهِ ص وَ قَدْ تَغَيَّرَ لَوْنُهَا وَ إِذَا بَطْنُهَا لَاصِقٌ بِظَهْرِهَا انْكَبَّ عَلَيْهَا يُقَبِّلُ بَيْنَ عَيْنَيْهَا وَ نَادَتْهُ بَاكِيَةً وَا غَوْثَاهْ بِاللَّهِ ثُمَّ بِكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ مِنَ الْجُوعِ قَالَ فَرَفَعَ رَأْسَهُ إِلَى السَّمَاءِ وَ هُوَ يَقُولُ اللَّهُمَّ أَشْبِعْ آلَ مُحَمَّدِ فَهَبَطَ جَبْرَئِيلُ ع فَقَالَ يَا مُحَمَّدُ اقْرَأْ قَالَ وَ مَا أَقْرَأُ قَالَ اقْرَأْ إِنَّ الْأَبْرارَ يَشْرَبُونَ مِنْ كَأْسٍ كانَ مِزاجُها كافُوراً عَيْناً يَشْرَبُ إِلَى آخِرِ ثَلَاثِ آيَاتٍ
فاطمة يا بنت النبيّ أحمد
بنت نبي سيد مسدد
قد جاءك الأسير ليس يهتدي
مكبلا في غله مقيد
يشكو إلينا الجوع قد تمدد
من يطعم اليوم يجده في غد
عند العلي الواحد الموحد
ما يزرع الزارع سوف يحصد
فأطعمي من غير منّ أنكد.
[1]. في ب: نصاع. ر: نسباع، و في رواية الصدوق:
لم يبق ممّا كان غير صاع
قد دبرت كفي مع الذراع
شبلاي و اللّه هما جياع
يا ربّ لا تتركهما ضياع
أبوهما للخير ذو اصطناع
عبل الذراعين شديد الباع
و ما على رأسي من قناع
إلا عباء نسجها بصاع.