نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 94
واختلطوا ، كثر المؤمنين في أعينهم فرأوهم مثليهم رأي العين فأوهن بذلك
عزمهم وأطار قلوبهم فكانت الهزيمة فآية الأنفال تشير إلى أول الوقعة ، وآية آل
عمران إلى ما بعد الزحف والاختلاط وقوله : « لِيَقْضِيَ اللهُ أَمْراً كانَ مَفْعُولاً » متعلق بقوله : « يُرِيكُمُوهُمْ » وتعليل لمضمونه.
قوله
تعالى : « يا أَيُّهَا
الَّذِينَ آمَنُوا إِذا لَقِيتُمْ فِئَةً فَاثْبُتُوا وَاذْكُرُوا اللهَ كَثِيراً
لَعَلَّكُمْ تُفْلِحُونَ » إلى آخر الآيات الثلاث. قال الراغب في المفردات : الثبات ـ بفتح الثاء ـ ضد الزوال انتهى فهو في المورد ضد الفرار من العدو ، وهو
بحسب ما له من المعنى أعم من الصبر الذي يأمر به في قوله : « وَاصْبِرُوا إِنَّ
اللهَ مَعَ الصَّابِرِينَ » فالصبر ثبات قبال المكروه بالقلب بأن لا يضعف ولا يفزع ولا
يجزع ، وبالبدن بأن لا يتكاسل ولا يتساهل ولا يزول عن مكانه ولا يعجل فيما لا يحمد
فيه العجل فالصبر ثبات خاص.
والريح على ما قيل ، العز والدولة ، وقد ذكر الراغب أن الريح
في الآية بمعنى الغلبة استعارة كأن من شأن الريح أن تحرك ما هبت عليه وتقلعه وتذهب
به ، والغلبة على العدو يفعل به ما تفعله الريح بالشيء كالتراب فاستعيرت لها.
وقال الراغب : البطر دهش يعتري الإنسان من سوء احتمال النعمة وقلة القيام
بحقها وصرفها إلى غير وجهها قال عز وجل : « بَطَراً وَرِئاءَ النَّاسِ » وقال : « بَطِرَتْ مَعِيشَتَها » وأصله : بطرت معيشته فصرف عنه الفعل ونصب ، ويقارب
البطر الطرب ، وهو خفة أكثر ما يعتري من الفرح وقد يقال ذلك في الترح ، والبيطرة
معالجة الدابة. انتهى. والرئاء المراءاة.
وقوله : « فَاثْبُتُوا » أمر بمطلق الثبوت أمام العدو ، وعدم الفرار منه فلا
يتكرر بالأمر ثانيا بالصبر كما تقدمت الإشارة إليه.
وقوله : « وَاذْكُرُوا اللهَ
كَثِيراً » أي في جنانكم
ولسانكم فكل ذلك ذكر ، ومن المعلوم أن الأحوال القلبية الباطنة من الإنسان هي التي
تميز مقاصده وتشخصها سواء وافقها اللفظ كالفقير المستغيث بالله من فقره وهو يقول :
يا غني والمريض المستغيث به من مرضه وهو يقول : يا شافي ولو قال الفقير في ذلك :
يا الله أو قال المريض فيه ذلك لكان معناه : يا غني ويا شافي لأنهما بمقتضى الحال
الباعث لهما على الاستغاثة
نام کتاب : الميزان في تفسير القرآن نویسنده : العلامة الطباطبائي جلد : 9 صفحه : 94